سمعت والدي رحمه الله يقول : جمع تاج الدولة الأخرس بن رضوان جماعة من الأمراء والأجناد وادخلهم إلى موضع بالقلعة شبيه بالسرداب أو المصنع لينظروه ، فلما حصلوا كلهم فيه قال لهم : ايش تقولون فيمن يضرب رقابكم هاهنا ، فتضرعوا إليه ، وأيقنوا بالقتل ، وقالوا : يا مولانا نحن مماليك وبحكمك ، وخضعوا له حتى اخرجهم ، ثم إنهم خافوا على أنفسهم منه فاجمعوا على قتله فقتلوه.
وقال لي الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم : كان جدي مالك من جملة الأمراء الذين فعل بهم ذلك ، فلما نزل من القلعة سار عن حلب الى قلعة جعبر ، وترك المقام بحلب خوفا على نفسه.
قال : ومضى أكثر الأمراء من حلب من خدمته إلى أن قتل ، عمل عليه لؤلؤ الخادم مملوك أبيه مع جماعة من الامراء ، فقتلوه.
قال : ثم إن لؤلؤ خاف فأخذ الاموال من قلعة حلب ، وسار طالبا بلاد الشرق ، فلما وصل الى دير حافر قال سنقر الجكرمشي : تتركونه يقتل تاج الدولة ، ويأخذ الاموال ، ويمضي! فصاح بالتركية ـ يعني ـ الأرنب الأرنب ، فضربوه بالسهام فقتلوه.
قال : ولما هرب لؤلؤ (٢٨٧ ـ ظ) اقامت القلعة في يد آمنة خاتون بنت رضوان يومين فلما قتل لؤلؤ ، ملكوا سلطان شاه بن رضوان. هكذا قال لي ، ولؤلؤ ، هو الذي نصب سلطان شاه بعد قتل أخيه ، وبقي سنة وثمانية أشهر يدير دولته.
وقرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال : وولي بعده ـ يعني رضوان ـ أبو شجاع محمد بن رضوان ، وكان لا يحسن أن يتكلم واستولى على حلب وله من العمر تسع عشرة سنة ، وقتل خلقا من أصحاب أبيه.
فاغتاله خادم كان خصيصا به اسمه لؤلؤ في رجب سنة ثمان وخمسمائة ، وكان ملكه بحلب سنة واحدة.
قال لي بدران بن حسين بن مالك : بلغني أن تاج الدولة الاخرس خرج يوما الى عين المباركة ، ونصب بها خيمه ، وأخذ معه أربعين جارية ، ووطئهن كلهن في ذلك اليوم.