قال : وهو أول من ذكر على منابر مدينة السلام بالسلطان عضد الدين ألب أرسلان.
وقرأت بخط أبي غالب أيضا ، سنة خمس وستين وأربعمائة : في أولها غزا السلطان ألب أرسلان جيحون ، وكان معه زيادة على مائتي الف فارس ، وعبر عسكره اليهم في نيف وعشرين يوما من صفر ، وكان قد قصده شمس الملوك تكين بن طمغاج ، وأتاه وأصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي ، وحمل الى قرب سريره ، وهو مع غلامين ، فتقدم بأن يضرب له أربعة أوتاد ، وتشد أطرافه اليها ، فقال : يا مخنث مثلي يقتل هذه القتلة! فاحتد السلطان ألب أرسلان ، واخذ القوس والنشابة ، وحرص على قتله ، وقال للغلامين : خلياه فخلياه ورماه ، فأخطأه ، ولم تخطىء له قط نشابة غير هذه ، فعدا يوسف اليه وكان السلطان جالسا على سدّة ، فنهض ونزل فعثر ووقع على وجهه ، وقد وصله يوسف فبرك عليه وضربه (٢٨٦ ـ ظ) بسكين كانت معه في خاصرته ، ودخل السلطان الى خيمته وهو مثقل ، ولحق بعض الفراشين يوسف فقتله بمروة (١) كانت في يده ، وقضى ألب أرسلان نحبه ، وجلس للعزاء به ببغداد ثامن جمادي الآخرة ، ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة ، وبلغ من العمر أربعين سنة وشهرين. ودفن السلطان ألب أرسلان عند قبر أبيه بمرو.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال : أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال : ملك البلاد ألب أرسلان وهو محمد ابن داود ، كسر قتلمش بديه نمك (٢) في ذي الحجة سنة خمس وخمسين ، واستخلص الملك ، وغزا الروم في شعبان سنة ثلاث وستين ، وكسر الروم ، وأسر ملكهم ، ونودي عليه في السوق ، ثم منّ عليه وخلاه ، ورده الى ملكه ، وقتل ببليدة يقال لها نرزم على طرف جيحون ، سلخ صفر ، أو غرة شهر ربيع الاول سنة خمس وستين واربعمائة ، وحمل الى مرو ، ودفن بجنب أبيه.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي عن محمد بن هلال قال :
__________________
(١) المروة هنا الحجر. اللسان.
(٢) لم أجده في معجم البلدان أو في غيره من المظان.