يا واحدا لست بناسيه |
|
نعى إليّ العيش ناعيه |
والله ما كنت أرى أنني |
|
أقوم في الباكين أبكيه |
والله لو لم يتقبل فدية |
|
لكنت بالمهجة أفديه |
بيضت منك القبر يا سيدي |
|
لأنني لست بناسيه |
عاذلتي في جزعي أقصري |
|
قد غلق الرهن بما فيه |
(٢٥٦ ـ ظ)
فبهت أنظر إليها والى حسن وجهها ، ورأيت ما لم أر مثله قط فحاذيتها ، وأنشأت أقول :
جرى الدمع من عينيك كالسلك إذ |
|
وهى من العقد أو كالطل (١) في ورق الورد |
فخلت البكاء من رقة الخدّ أنه |
|
يؤثر من حر على صفحة الخد |
فلو أنت أقصرت البكاء ودعيته |
|
لناداك بالحسنى وقام من اللحد |
فلما علمت بي ردت البرقع على وجهها ، فكأن الشمس كانت تحجبها بالغيم ، وقالت اعدل عني يا عبد الله فما أنا لك بصاحبة فلا تكن طامعا ، أما تستحي من ربك أن تنظر ما ليس لك بمحرم ، ولحقني أصحابي وأنا في النار فقالوا : سبقت والله بالحنفاء أعيذك بالله ، فقلت يا قوم دعوني فإني في حالة ، قالوا من أيش؟ قلت : رأيت هذه الجارية فوقعت والله في نفسي ، وقد شغلتني عن سائر أهلي ، فقالوا : تدري هذه من؟ قلت : لا ، قالوا هذه ابنة الأمير طراد ، وهي التي وقع الحرب من جهتها ، وهذا قبر خفاف ، قلت : هذه صيقل؟ قالوا : نعم ، وكان طراد سيدا في قومه يركب وحده ويرجع في خمسمائة عنان ، وسرنا حتى دخلنا الحلة ، وأنا كالمريض من جهتها ، فأقمت عنده عشرة أيام ، فلما كان اليوم الحادي عشر قلت : قد فعلت ما أمرت ، وقد أحببت أن تضيف الى أياديك المخلوفة ، وأفاعيلك المألوفة أن تشرفني ، قال : بماذا؟ قلت : توصل حبلي بحبلك وتزوجني من الصيقل ابنتك ، قال : (٢٥٧ ـ و) حبذا والله أنت ، ولكن ليس نجيب أحدا بعد الماضي ، وإنما الحرب جرى من جهتها وفي سبيلها ، ولكني أخاطبها ويكون بمحضر منك.
__________________
(١) الطل : الندى.