خطاك نوءك (١) يا أشعث يا عدو الله ، فقد كنت أشتهي أن يخزيك الله ، فشده وثاقا ، وهم بقتله ، فقالوا له : أخره وأبلغه أبا بكر فهو أعلم بالحكم في هذا ، وإن كان رجلا نسي اسمه أن يكتبه وهو ولي المخاطبة أفذاك يبطل ذاك؟ فقال المهاجر : إن أمره لبين ، ولكني أتبع المشورة وأوثرها وأجيره (٢) ، وبعث به الى أبي بكر مع السبي ، وكان معهم ، يلعنه المسلمون ، وتلعنه سبايا قومه ، وسماه سبايا قومه عرف الباز ـ كلام يماني يسمون به الغادر ـ وقد كان المغيرة تخير ليلة للذي أراد الله عز وجل ، فجاءوا القوم في (٢٤٠ ـ ظ) دمائهم والسبي على ظهر ، وسارت السبايا والأسرى ، فقدم القوم على أبي بكر بالفتح والسبايا والأسرى ، فدعا بالأشعث وقال : استزلك بنو وليعة (٣) ، ولم تكن لتستزلهم ولا ليروك لذلك أهلا ، وهلكوا وأهلكوك إنا نخشى أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصل إليك منها طرف ، ما تراني صانعا بك؟ قال : اني لا علم لي برأيك ، وأنت أعلى برأيك ، قال : فإني أرى قتلك ، قال : فاني أنا الذي راوضت القوم في عشرة ، فما يحلّ دمي ، قال : أفوضوا القوم اليك؟ قال : نعم ، قال : ثم أتيتهم بما فوضوه اليك فختموه لك؟ قال : نعم قال : فإنما وجب الصلح بعد ختم الصحيفة على من في الصحيفة ، وإنما كنت قبل ذلك مراوضا.
فلما خشي أن يوقع به قال : أو تحتسب فيّ خيرا فتطلق أساري وتقيلني عثرني وتقبل اسلامي ، وتفعل بي مثلما فعلت بأمثالي ، وترد علي (٤) زوجتي ـ وكان قد خطب أم فروة بنت أبي قحافة الى أبي قحافة مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوجه وأخرها الى أن يقدم الثانية ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفعل الأشعث ما فعل ، فخشي أن لا ترد عليه ـ تجدني خير أهل بلادي لدين الله ، فتجافى له عن دمه ، وقبل منه ، ورد عليه أهله وقال : انطلق فليبلغني عنك (٥) ، وخلىّ النفر
__________________
(١) النجم مال الى الغروب وأراد هنا لم يوفقك في الرأي لعجلتك وسوء طالعك.
(٢) في الطبري : ٣ / ٣٣٨ حيث الرواية نفسها «وأخره».
(٣) بنو وليعة حي من كندة. القاموس.
(٤) كتب ابن العديم في الحاشية : تمام كلام الاشعث بعد قوله : علي زوجتي تجدني ، والكلام قد أعرض عليه ، وكان قد خطب أم فروة.
(٥) لحق النص الذي اعتمده ابن العديم سقط وبعض التصحيف ، ونقرأ في الطبري : ٣ / ٣٣٩ «عنك خير ، وخلى عن القوم فذهبوا ، وقسم أبو بكر في الناس الخمس ، واقتسم الجيش الاربعة الاخماس».