أتته الخلافة منقادة |
|
إليه تجرّر أذيالها |
فلم تك تصلح إلّا له |
|
ولم يك يصلح إلّا لها |
ولو رامها أحد غيره |
|
لزلزت الأرض زلزالها |
ولو لم تطعه بنات النفوس |
|
لما قبل الله أعمالها |
قال : فقال بشار : انظر ويحك يا أشجع هل طار الخليفة عن فرشه؟
قال : لا والله ما (٢١٥ ـ و) ـ انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية. (١).
قرأت في بعض ما علقته من الفوائد : قال أشجع بن عمرو السلمي : شخصت من البصرة الى الرقة فوجدت الرشيد غازيا ، ونالتني خلة (٢) ، فخرجت حتى لقيته منصرفا من الغزو ، وكنت قد اتصلت ببعض أهل داره ، فصاح صائح ببابه : من كان هاهنا من الشعراء فليحضر يوم الخميس ، فحضر سبعة وأنا ثامنهم ، فأمرنا بالبكور في يوم الجمعة ، فبكرنا فأدخلنا ، وقدم واحد ، واحد منا ننشد على الأسنان وكنت أحدث القوم سنا ، وأرثهم حالا ، فلما بلغ إليّ حتى كادت الصلاة أن تجب ، فقدمت والرشيد جالس على كرسي ، وأصحاب الاعمدة بين يديه سماطان ، فقال لي : أنشد ، فخفت أن أبتدىء من أول قصيدتي بالتشبيب فتجب الصلاة ، ويفوتني ما أردت ، فتركت التشبيب ، وأنشدته من موضع المديح في قصيدتي التي أولها :
تذكر عهد البيض وهو لها ترب |
|
وأيام تصبي الغانيات ولا تصبو |
فابتدأت قولي في المديح :
إلى ملك يستغرق المال جوده |
|
مكارمه ثرو معروفه سكب |
وما زال هرون الرضا ابن محمد |
|
له من مياه النصر مشربها العذب |
متى تبلغ العيس المراسيل بابه |
|
بنا فهناك الشمل والمنزل الرحب |
__________________
(١) ديوان أبي العتاهية : ٣٧٥.
(٢) الخلة هنا : الحاجة والفقر. النهاية لابن الاثير.