فأخطأ فيه ، فقلت : أخطأت ويلك ، ثم تغنى صوتا ثالثا من الكامل شعره لكثيّر والغناء لمعبد وهو :
إني استحيتك أن أقول بحاجتي |
|
فإذا قرأت صحيفتي فتفهم |
وعليك عهد الله إن أنبأته |
|
أحدا ولا أظهرته بتكلم |
فأخطأ فيه فقلت : أخطأت ويلك ، فغضب وقال : يا اسحاق يأمرك الأمير بالبكور فتأتي ظهرا وتغنيت أصواتا كلها يحبها ويطرب لها فخطأتني فيها وتزعم أنك لا تضرب بالعود إلّا بين يدي خليفة أو ولي عهد ، ولو قال لك بعض البرامكة مثل ذلك لبكرت وضربت وغنيت ، فقلت : ما ظننت أن هذا يجترئ علي ، وو الله ما أبديه انتقاصا لمجلس الأمير أعزه الله ، ولكن اسمع يا جاهل ، ثم أقبلت على ابن هشام فقلت : دعاني ـ أصلح الله الأمير ـ يحيى بن خالد يوما وقال لي : بكر فإني على الصبوح ، وقد كنت يومئذ في دار بأجرة ، فجاءني من الليل صاحب الدار فأزعجني إزعاجا شديدا فجرت مني يمين غليظة أني ما أصبح حتى أتحول ، فلما أصبحت خرجت أنا وغلماني حتى اكتريت منزلا وتحولت ، ثم صرت الى يحيى وقت الظهر ، فقال لي : أين كنت الى الساعة؟. فحدثته بقصتي ، فقعدنا على شرابنا وأخذنا في غنائنا ، فلم ألبث أن دعا يحيى بدواة وقرطاس فوقع (٢٤٦ ـ ظ) شيئا لم أدر ما هو ، ثم دفع الرقعة الى جعفر فوقع فيها شيئا ودفعها إليّ ، فإني لأنظر فيها ولم أدر ما تضمنت إذ أخذها الفضل من يدي فوقع فيها شيئا ودفعها إليّ ، وإذا يحيى قد كتب : يدفع الى اسحاق ألف ألف درهم يبتاع بها منزلا ، وإذا جعفر قد وقع : يدفع الى اسحاق ألف ألف درهم يبتاع بها أثاثا ، وإذا الفضل قد وقع : يدفع الى اسحاق ألف ألف درهم يصرفها في نفقاته ومؤونته ، فقلت في نفسي : هذا حلم ، فلم ألبث أن جاء خادم فأخذها من يدي ، فلما كان وقت الانصراف استأذنت وخرجت فإذا أنا والله بالمال ، وإذا بوكلاء ينتظروني حتى أقبض منهم ، فعلام يلومني هذا الجاهل؟! ثم قلت لمخارق : هات العود ، فأخذته ورددت الاصوات التي أخطأ فيها ، وغنيت صوتا من الطويل بشعر لأبي بشير والغناء لي فيه وهو :