معاوية في سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين إلى السواحل قوما من زط البصرة والسيابجه ، وأنزل بعضهم أنطاكية.
قال أبو حفص : بأنطاكية محلة تعرف بالزط ، وببوقا من عمل أنطاكية قوم من أولادهم يعرفون بالزط ، وقد كان الوليد بن عبد الملك نقل إلى أنطاكية قوما من زط السند ممن حمله محمد بن القاسم إلى الحجاج ، فبعث بهم الحجاج إلى الشام (١).
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي مشافهة عن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال : أنطاكية هي من احسن البلاد في تلك الناحية وأكثرها خيرا ، استولى عليها الفرنج ، وهي في أيديهم الساعة ، وهي دار مملكتهم ، والدواء المستقل الذي يقال له الأنطاكي منسوب إلى هذه البلدة ، المعروف بالسقمونيا ، ولا يكون ببلد إلا بهذه البلدة ، وقيل إن هذه الآية في أنطاكية : «واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ، إذ جاءها المرسلون» (٢). وبها قبر حبيب النجار في السوق كان بها ، ومنها جماعة من العلماء المشهورين قديما (٣) وحديثا.
قرأت في كتاب أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني الفقيه في البلدان وأخبارها : لما أن افتتح أنوشروان قنسّرين ومنبج وحلب وحمص ودمشق وإيليا وأنطاكية استحسن أنطاكية ، فلما انصرف إلى العراق ، بنى بها مدينة على مثال أنطاكية بأسواقها وشوارعها ودورها ، وسماها رندخسره ، وهي التي يسميها العرب الرومية ، وأمر أن يدخل إليها سبي أنطاكية ، فلما دخلوها لم ينكروا من منازلهم شيئا ، فانطلق كل رجل منهم إلى منزله ، إلّا رجل أسكاف ، كان على باب داره بأنطاكية شجرة فرصاد فلم يرها على بابه ذلك ، فتحير ساعة ، ثم دخل الدار فوجدها مثل داره (٤).
__________________
(١) انظر فتوح البلدان ، ١٥٣ ، ١٦٦.
(٢) القرآن الكريم ، سورة ياسين : ١٣.
(٣) انظر مادة الانطاكي في الانساب السمعانى ، ط. لندن ١٩١٢ ، ٥١ ـ ظ.
(٤) مختصر كتاب البلدان ، ١١٥ ـ ١١٦.