دع سيفي رحمك الله فإني لا أدري لعلي أحتاج إليه ، فقال : أعطينيه ولك أم النعمان يعني ابنته ، قال : فأعطاه إياه ، فذهب ليعود الى الرومي ، فقال له قومه : إنا ننشدك الله أن تتعرض لهذا العلج ، فقال : والله لأخرجن إليه فليقتلني أو لأقتلنه ، فتركوه فخرج إليه ، فلما دنا منه الأشتر شد عليه وهو شديد الحنق (٢٤٨ ـ ظ) فاضطربا بسيفيهما فضربه الأشتر على عاتقه فقطع ما عليه حتى خالط السيف رقبته ، ووقعت ضربة الرومي على عاتق الأشتر فقطعت الدرع ثم انتهت ولم تضره شيئا ، ووقع الرومي ميتا ، وكبر المسلمون ثم حملوا على صف رجالة الروم ، فجعلوا ينقضون ويرمون المسلمين وهم من فوق ، فما زالوا كذلك حتى أمسوا ، وحال بينهم الليل ، فلما أمسوا نادى منادي العبسي بالصلاة فلما أقام وتقدم ميسرة بن مسروق العبسي فصلى بأصحابه ، وتقدم الأشتر بأصحابه فصلى بهم ، فلما انصرف جاءه قنان بن دارم العبسي فقال : يا صاحب هذه الخيل ما منعك أن تجيء فتصلي مع الأمير ميسرة بن مسروق العبسي؟ فقال الأشتر : ومن ميسرة بن مسروق؟ فقال : ميسرة بن مسروق العبسي ، فقال الأشتر : وما عبس وما بنو عبس؟ فقال : سبحان الله : وما تدري من عبس ومن بنو عبس؟! قال الأشتر : لا والله ما أدري فقال العبسي : فمن أنت؟ قال له : أنا مالك بن الحارث ، قال : ممن أنت؟ قال : من النخع ، قال العبسي : فو الله إن سمعت بالنخع قط قبل الساعة ، فغضب أناس من أصحاب الأشتر ، فقال الأشتر لأصحابه : مم تغضبون؟ أما أنا والله ما كذبت ، وما أظن هذا الرجل إلا صادقا ، ثم قال الأشتر : منعني يا عبد الله من الصلاة معكم أني وليت هذه الخيل ولم يؤمر علي إنسان ولم أومر بطاعة أحد ، ولست مؤمرا على من لم أومر بطاعته ولا أريد الإمارة على من لم يؤمر بطاعتي وأنا إذا (٢٤٩ ـ و) صليت الغداة انصرفت إن شاء الله. فلما صلى الغداة وقد باتوا ليلتهم كلها يتحاربون ، فلما أصبحوا وصلى الغداة ارتحل الأشتر بأصحابه ، ومضى ميسرة حتى بلغ مرج القبائل وهي ناحية أنطاكية والمصيصة ، ثم انصرف راجعا ، وكان