أبو عبيدة قد أشفق عليهم حين بلغه أنهم قد أدربوا ، وجزع جزعا شديدا ، وندم على إرساله إياهم في طلب الروم.
قال : فإنه لجالس في أصحابه مستبطئ قدومهم متأسف على تسريحه إياهم إذ أتى مبشر بقدوم الأشتر ، وجاء الأشتر فحدثه بحديث ما كان من أمرهم ولقائهم ذلك الجيش وهزيمتهم إياهم وما صنع الله لهم ، ولم يذكر مبارزته الرومي وقتله إياه حتى أخبره غيره ، وسأله عن ميسرة بن مسروق وأصحابه فأخبره بالوجه الذي توجه فيه وأخبره أنه لم يمنعه من التوجه معه بأصحابه إلا الشفقة على أصحابه أن يصابوا بعد ما ظفروا ، فقال : قد أحسنت ، وما أحب الآن أنك معهم ، ولوددت أنهم كانوا معك ، قال : وأقام حتى قدم عليه ميسرة بن مسروق ، وكتب كتابا أمانا للناس من أهل قنسرين ، ثم أمر مناديه فنادى الرحيل الى إيلياء ، وقدم خالد بن الوليد على مقدمته بين يديه ، وأقبل يسير حتى انتهى الى حمص ، فبعث على حمص حبيب بن مسلمة القرشي ، وأرض قنسرين إذ ذاك مجموعة الى حمص ، وإنما سميت حمص الجند المقدم لأنها كانت أدناها من الروم ومن (٢٤٩ ـ ظ) دمشق والأردن وفلسطين وهن كلهن وراءها.
أخبرنا أبو علي الأوقي قال : أخبرنا أبو طاهر قال : أخبرنا أبو الحسين قال أخبرنا أبو إسحاق الحبال قال : أخبرنا أبو العباس منير بن أحمد قال : أخبرنا علي ابن أحمد قال : حدثنا أبو العباس الوليد بن حماد الرملي قال : أخبرنا الحسين بن زياد عن أبي اسماعيل البصري قال : وحدثني عمر بن عبد الرحمن أنه حين خرج من أنطاكية ـ يعني هرقل ـ أقبل حتى نزل الرها ، ثم منها كان خروجه الى القسطنطينية فأقبل خالد في طلب الروم حتى دخل أرض قنسرين ، فلما انتهى الى حلب تحصن منه أهل حلب ، وجاء أبو عبيدة حتى نزل عليهم ، فطلبوا الى المسلمين الصلح والأمان فقبل منهم أبو عبيدة فصالحهم ، وكتب لهم أمانا.