وخاف على نفسه وعلى أصحابه الهلاك ، فإنهم لكذلك إذ طلع عليهم الأشتر في ثلاثمائة فارس من النخع ، فلما رآهم أصحاب ميسرة كبروا وكبر الأشتر وأصحابه ، وإن الأشتر حمل من مكانه ذلك عليهم ، وحمل ميسرة عليهم فهزموهم ، وركب بعضهم بعضا ، فهزموهم ، وركبوا رؤوسهم واتبعتهم خيل المسلمين فقتلوهم حتى انتهوا الى موضع مرتفع من الأرض فعلوا فوقه ، ونزلت رجالة منهم الى خيل المسلمين فرموهم ، فوقف المسلمون حين رمتهم رجالة الروم ، فقال بعض المسلمين لبعض : دعوهم فإنهم قد انهزموا ، وأخذت الروم على وجوههم ، وأقبل عظيم من عظمائهم مع رجالة كثيرة من رجالتهم فجعلوا يرمون خيل المسلمين وهم على مكان مشرف.
قال : فإن خيل المسلمين لموافقتهم إذ نزل الى المسلمين رجل من الروم أحمر عظيم جسيم ، فتعرض للمسلمين ليخرج إليه رجل منهم ، قال : فو الله ما خرج إليه رجل منهم ، فقال لهم الأشتر (٢٤٨ ـ و) فما منكم من أحد يخرج الى هذا العلج ، فلم يتكلم أحد. قال : فنزل الأشتر ثم خرج إليه ، فمشى كل واحد منهما الى صاحبه وعلى الأشتر الدرع والمغفر ، وعلى الرومي مثل ذلك ، فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه شد عليه الأشتر فاضطربا بسيفيهما ، فوقع سيف الرومي على هامة الأشتر قطع المغفر وأسرع السيف في رأسه حتى كاد ينشب في العظم ، ووقعت ضربة الأشتر على عاتق الرومي فلم يقطع سيفه شيئا من الرومي إلا أنه قد ضربه ضربة شديدة أوجعت الرومي وأثقلت عاتقه ، ثم تحاجزا ، فلما رأى الأشتر أن سيفه لم يصنع شيئا ، انصرف يمشي على هينته حتى أتى الصف وقد سال الدم على لحيته ووجهه ، فقال : أخزى الله هذا سيفا ، وجاءه أصحابه ، فقال : علي بشيء من حناء ، فأتوه به من ساعته ، فوضعه على جرحه ثم عصبه بالخرق ، ثم حرك لحيته وضرب أضراسه بعضها ببعض ، ثم قال : ما أشد لحمي ورأسي وأضراسي ، ثم قال لابن عم له : أمسك سيفي هذا واعطني سيفك ، فقال له :