في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، خوفا على نفسه من أهل حلب ، واقتطعها عن المدينة ، وبنى بينها وبين المدينة سورا ، واحتفر خندقا آثاره باقية الى الآن ، ثم خرب السور بعد ذلك في أيام ايلغازي بن أرتق حين ملكها ، واستقل بملكها في سنة ست عشرة وخمسمائة ، فعادت من المدينة كما كانت.
وأما أبواب مدينة حلب فأولها باب العراق ، سمي بذلك لأنه يسلك منه الى ناحية العراق.
ثم بعده الى جهة الغرب باب قنّسرين ، سمي بذلك لأنه يخرج منه الى ناحية قنّسرين ، وقد جدد في أيام السلطان الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز أعز الله أنصاره ، وغير عن وضعه ووسع وعمل عليه أبرجة عظيمة ، ومرافق للاجناد حتى صار بمنزلة قلعة عظيمة من القلاع المرجّلة.
ثم باب أنطاكية سمي بذلك لانه يسلك منه الى ناحية أنطاكية.
ثم باب الجنان ، سمي بذلك لانه يخرج منه الى البساتين التي لحلب.
ثم بعده باب اليهود سمي بذلك لان محال اليهود من داخله ، ومقابرهم من خارجه ، وهذا الباب غيرّه السلطان الملك الظاهر رحمه الله ، وكان عليه بابان ، ويخرج منهما الى باشورة يخرج منها الى ظاهر المدينة ، فهدمه وجعل عليه أربعة أبواب كل بابين بدركاة على حدة ، يسلك من احدى الدركاتين الى الاخرى في قبو عظيم محكم البناء ، وجعل (٨ ـ و) عليه أبراجا عالية محكمة البناء ، ويخرج منه على جسر على الخندق ، وكان على ظاهره تلول عالية من التراب والرماد وكنايس المدينة ، فنسفها وأزالها وجعلها أرضا مستوية ، وبني فيها خانات تباع فيها الغلة والحطب ، وسمي الباب باب النصر ، ومحي عنه اسم باب اليهود ، فلا يعرف الآن إلا بباب النصر ، وهجر اسمه الاول بالكلية.
ثم بعده باب الأربعين وكان قد سد هذا الباب مدة مديدة ، ثم فتح واختلف في تسميته بباب الأربعين ، فقيل إنه خرج منه مرة أربعون ألفا فلم يعودوا.