واهتم الملك الظاهر أيضا بتحرير خندق الروم ، وهو من قلعة الشريف الى الباب الذي يخرج منه الى المقام ، وبنى ذلك الباب ولم يتمه ، فتم في أيام ولده الملك العزيز رحمه الله ، ثم يستمر خندق الروم من ذلك المكان شرقا ، ثم يعود شمالا الى الباب الذي جدد أيضا في أيام الملك العزيز لصيق الميدان ، ويعرف بباب النيرب ، ثم يأخذ شمالا الى أن يصل الى باب القناة الذي يخرج منه الى بانقوسا ، وهو باب قديم ، ثم يأخذ غربا من شمالي الجبل الى أن يتصل بخندق المدينة. وأمر الملك الظاهر برفع التراب والقائه على شفير هذا الخندق فيما يلي المدينة ، فارتفع ذلك المكان وعلا ، وسفح الى الخندق ، وبني عليه سور من اللبن في أيام الملك العزيز محمد رحمه الله ، وولاية الاتابك طغرل ، وأمر الحجارون بقطع الاحجار من الحوارة من ذلك الخندق ، فعمق واتسع وقويت به المدينة غاية القوة.
وأما قلعة الشريف فلم تكن قلعة بل كان السور محيطا بالمدينة ، وهي مبنية على الجبل الملاصق للمدينة وسورها دائر مع سور المدينة على ما هي الآن.
وكان الشريف أبو علي الحسن بن هبة الله الحتيتي الهاشمي مقدم الاحداث بحلب (١) ، وهو رئيس المدينة فتمكن وقويت يده ، وسلم المدينة الى أبي المكارم مسلم ابن قريش ، فلما قتل مسلم انفرد بولاية (٧ ـ ظ) المدينة ، وسالم بن مالك بالقلعة على ما نشرحه في ترجمته ، فبنى الشريف عند ذلك قلعته هذه ، ونسبت اليه ،
__________________
(١) كان الاحداث عبارة عن تنظيم بلدي له صفات عسكرية ، وقد قام هذا التنظيم بدور هام في تاريخ بلاد الشام في القرنين الرابع والخامس للهجرة ، وأحسن مادة يمكن تحصيلها حول هذا التنظيم موجودة في تاريخ دمشق لابن القلانسي ، وزبدة الحلب لابن العديم. كما أن عددا من المعاصرين كتبوا حول هذا التنظيم ، من هؤلاء كلود كاهن في مجله Arabica المجلد الخامس ، وفي الموسوعة الاسلامية بالانكليزية والفرنسية ، ومن قبل سهيل زكار في كتابه عن امارة حلب الذي أشير اليه قبل صفحة.