ولما قتل عزيز الدولة ، صار الظاهر وولده المستنصر يوليان واليا بالقلعة ، وواليا بالمدينة خوفا أن يجري ما جرى من عزيز الدولة. فلما ملك بنو مرداس سكنوا في القلعة ، وكذلك من جاء بعدهم من الملوك (١) وحصنوها لا سيما الملك الظاهر غازي (٦ ـ ظ) فانه حصنها وحسنها وابتنى بها مصنعا كبيرا للماء ، ومخازن للغلة ، ورفع باب القلعة وكان قريبا من المدينة ، ويصعد منه الى باشورة ، هي موضع باب القلعة الآن.
ولها سور من موضع الباب الآن ، يدور في وسط التل الى المنشار المتصل بباب الاربعين وكان في الباشورة مساكن لاجناد القلعة ، ورأيت في وسطه برجا كبيرا ، مبنيا فوق طريق الماء من القناة الى الساتورة التي للقلعة ، وكان على ذلك البرج اسم الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود بن زنكي ، فخرب الملك الظاهر رحمه الله تلك الباشورة ، وسفح القلعة من أسفل الخندق الى سورها الاعلى ، وكان قد بنى بعض السفح بالحجر الهرقلي ، وعزم على تسفيحها بذلك الحجر ، فحالت المنية بينه وبين أمله ، وصده عن مراده ما حضر من أجله (٢) ، وكان قد وسع الخندق الذي للقلعة وعمقه ، وبنى حائطه من جهة المدينة ، ورفع باب القلعة الى مكانه الآن ، وعمل له هذا الجسر الممتد ، فجاء في غاية الحسن والحصانة ، وعمل بابا آخر كان اذا ركب ينزل منه وحده ويصعد ويغلق فلا يفتح الا له ، وهو باب الجبل الذي هو الى جانب دار العدل ، وبنى الملك الظاهر سورا على دار العدل ، وفتح له بابا من جهة القبلة تجاه باب العراق ، وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق ، كان يخرج منهما اذا ركب ، وبنى دار العدل لجلوسه العام فيها بين السورين ، السور العتيق الذي فيه (٧ ـ و) الباب الصغير ، وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين ، وبين السور الذي جدده الى جانب الميدان.
__________________
(١)SeeS. ZAKKAR, the Emirate of Alleppo, ٢٩٣ / ٢٠٠١ ـ ٧٩٤ / ٤٩٠١ Beirut ٢٧٩١. PP ٥٠١ ـ ٦.
(٢) توفي في سنة ٦١٣ ه ـ ١٢١٦ م.