ثم أغاروا على بني تغلب بين البشر والشام ليلا ، فقتلوهم ، وبقروا النساء فقتلوهن ، فهو يوم البشر ، ويوم عاجنة الرحوب ، ويوم مخاشن ، وهو جبل ينعرج إلى بعض البشر ، وهو يوم مرج السلوطح ، لأنه بالرحوب.
قال : وقتل أبو الأخطل في تلك الليلة ، وفي ذلك يقول جرير :
شربت الخمر بعد أبي غياث |
|
فلا نعمت لك النّشوات بالا (١) (١٧٠ ـ ظ) |
وهرب الجحاف بعد فعله هذا ، فتبعه عبيدة بن همّام التغلبي ، فلحقه دون الدرب وهو يريد بلاد الروم ، فعطف عليه فهزم أصحابه وقتلهم ، وأفلت الجحاف ، ومكث زمانا في بلد الروم حتى سكن غضب عبد الملك ، ولان وكلمته العبسية في أن يؤمنه ، فتلكأ ، فقيل إنّا والله لا نأمنه على المسلمين أن يأتي بالروم إليهم ، فأعطاه الأمان ، وقد كان عامة أصحابه تسللوا إلى منازلهم ، فأقبل فيمن بقي من أصحابه ، فلما قدم على عبد الملك لقيه الأخطل ، فأنشده الجحاف :
أبا مالك هل لمتني إذ حضضتني |
|
على القتل أم هل لامني لك لائم |
فزعموا أن الأخطل قال له : أراك بالله شيخ سوء ، ورأى عبد الملك أنه إن تركهم على حالهم أنه لم يحكم الأمر ، فأمر الوليد بن عبد الملك فحمل الدماء التي كانت قبل ذلك بين قيس وتغلب ، وضمّن الجحاف قتلى البشر ، وألزمها إياه عقوبة له فقال الأخطل في تصديق ذلك :
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة |
|
إلى الله منها المشتكى والمعوّل (٢) |
فأدى إليهم الوليد الحمالات ، ولم يكن عند الجحاف ما حمّل ، فلحق بالحجاج ابن يوسف ، لأنه من هوازن ، فسأل الإذن على الحجاج ، فمنعه ، فلم يعد إليه ،
__________________
(١) ديوانه ط. دار الحياة بيروت ، ص ٤١٤ وفيه : بعد أبي غويث.
(٢) ديوانه ، ١٠.