ويحاصرها ، ويقطع شجرها ، فإذا أخذها وصعد الى مصر جاء سيف الدوله ، وفعل بها مثل ذلك ، وتكرر ذلك منهما حتى فني ما بها من الشجر ، واتفق بعد ذلك نزول الروم على حلب ، وأخذ المدينة في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، ففني شجر الشّربين لذلك ، وكانت الوقعة بين سيف الدولة وبين الدمستق في هذه السنة بسفح بانقوسا ، وسميت وقعة بانقوسا ، وقتل فيها جماعة من أهله وكتابه ، وكان عسكره غائبا مع نجا ، واستولى الدمستق على حلب تسعة أيام ، وسنذكر الوقعة فيما يأتي من كتابنا هذا في موضعها ، والحيات التي ببانقوسا قواتل لا يسلم (١٦٣ ـ ظ) من لدغته بل يموت في الحال ، وحيات داخل المدينه لا تكاد تقتل أحدا ، وبين المدينة وبين بانقوسا مقدار شوط من جري الفرس ، وقد ذكرت بانقوسا كثيرا في الشعر ، وقال الصّنوبري في القصيدة الجيمية بعد البيتين اللذين ذكرناهما في جبل جوشن :
الى بانقوسا تلك التي |
|
حكت راكبا لاح من فجه |
لترتاض نفسك في روضه |
|
ويمرج طرفك في مرجه (١) |
وقال أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتري يذكر بانقوسا وبابلى وبطياس :
أقام كلّ ملثّ الودق رّجاس |
|
على ديار بعلو الشام أدراس |
فيها لعلوة مصطاف ومرتبع |
|
من بانقوسا وبابلّى وبطياس |
منازل أنكرتنا بعد معرفة |
|
وأوحشت من هوانا بعد إيناس |
هل من سبيل إلى الظّهران من حلب |
|
ونشوة بين ذاك الورد والآس |
إذا أقبل الريح ـ والأيام مقبلة ـ |
|
من أهيف خنث العطفين مياس (٢) |
__________________
(١) ديوانه ، ٤٦٦.
(٢) ديوانه ٢ / ١١٤٧ ـ ١١٤٨.