قائد من القواد إليه بعينه ، بعد القيام بكفايته ، حتى إذا عاد القائد من نفيره أو غزوه ردّ الفرس إلى مربطه.
وذكر دورا كثيرة لا يحتمل الحال ذكرها ، ويطول كتابنا بإيراد ما ذكره.
قرأت في كتاب البلدان لأحمد بن يحيى بن جابر (٦٤ ـ ظ) البلاذري ، ونقلته من خط بنوسه قال : وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي قال : لما غزا الحسن بن قحطبة الطائي بلاد الروم سنة اثنتين وستين ومائة في أهل خراسان وأهل الموصل والشام وأمداد اليمن ومتطوعة العراق والحجاز ، خرج مما يلي طرسوس ، فأخبر المهدي بما في بنائها وتحصينها وشحنتها بالمقاتلة من عظيم الغناء عن الإسلام ، والكبت للعدو والوقم (١) له فيما يحاول ويكيد ، وكان الحسن قد أبلى في تلك الغزاة بلاء حسنا ودوخ أرض الروم حتى سموه التّنين ، وكان معه في غزاته مندل العنزي المحدث الكوفي ، ومعتمر بن سليمان البصري.
قال : وحدثني محمد بن سعد قال : حدثني سعد بن الحسن قال : لما خرج الحسن من بلاد الروم نزل مرج طرسوس فركب إلى مدينتها وهي خراب فنظر إليها وأطاف بها من جميع جهاتها ، وحزر عدة من يسكنها فوجدهم مائة ألف ، فلما قدم على المهدي وصف له أمرها وما في بنائها وشحنتها من غيظ العدو وكبته وعزّ الإسلام وأهله ؛ وأخبره في الحدث أيضا بخبر رغّبه في بناء مدينته ، فأمر ببناء طرطوس ، وأن يبدأ بمدينة الحدث ، فبنيت ، وأوصى المهدي ببناء طرطوس.
فلما كانت سنة إحدى وسبعين ومائة بلغ الرشيد أن الروم قد ائتمروا بينهم بالخروج إلى طرسوس لتحصينها وترتيب المقاتله فيها ، فأغزى الصائفة في سنة
__________________
(١) في القاموس : «وقمه» قهره واذله ، أو ردّه أقبح الرد.