إحدى وسبعين ومائة هرثمة بن أعين ، وأمره بعمارة (٦٥ ـ و) طرسوس وبنائها وتمصيرها ففعل ، وأجري أمرها على يدي فرج الخادم أبي سليم بأمر الرشيد فوكّل ببنائها ، ووجه أبو سليم الى مدينة السلام ، فأشخص الندبة الأولى من أهل خراسان وهم ثلاثة آلاف رجل ، فوردوا طرسوس ، ثم أشخص الندبة الثانية وهم ألفا رجل ، ألف من أهل المصّيصه وألف من أهل أنطاكية على زيادة عشرة دنانير لكل رجل في أصل عطائه ، فعسكروا مع الندبة الأولى بالميدان على باب الجهاد في مستهل المحرم سنة اثنتين وسبعين ومائة ، الى أن استتم بناء طرسوس وتحصينها ، وبناء مسجدها ؛ ومسح فرج ما بين النهر إلى النهر فبلغ ذلك أربعة آلاف خطّة ، كل خطّة عشرون ذراعا في مثلها ، وأقطع أهل طرسوس الخطط ، وسكنتها الندبتان في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين ومائة.
قال : وكان عبد الملك بن صالح قد استعمل يزيد بن مخلد الفزاري على طرسوس ، فطرده من بها من أهل خراسان ، واستوحشوا منه للهبيريه ، فاستخلف أبا الفوارس ، فأقره عبد الملك بن صالح ، وذلك في سنة ثلاث وتسعين ومائة (١).
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي سمعت أبا زرعة نعيم بن أحمد المكي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة يقول : سمعت عبد الله بن كلرت يقول : سمعت أشياخنا رحمهم الله يذكرون أن خيل خراسان وردت لعمارة طرسوس في أيام المهدي مع رسله وعساكره ، وأنهم (٦٥ ـ ظ) حطوا بمكان وصفه لنا بباب الجهاد غربي حائط المصلىّ ، أربعة آلاف راحلة دقيقا ، مكتوب عليها بلخ ، خوارزم ، هراة ، سمرقند ، فرغانه ، أسبيجاب ، حمل ذلك كله على البخاتي من خراسان مع أبي سليم ، وبشار ، وأبي معروف الخدم أبناء الملوك.
__________________
(١) فتوح البلدان ١٧٣ ـ ٧٤.