والعادة جارية في الابتداء به قصدا لاستمرار التسلسل فيه ، كما أنه استحبّ الابتداء بحديث : «الأعمال بالنيات»(١) لعظم موقعه وشرفه (٢).
وأنشدكم ما أنشدنيه شيخنا أبو الحسن المذكور لفظا من نظمه :
ألا ليت شعري هل أرى قبّة بها |
|
حبيب لربّ العالمين رسول |
محمّد المختار من نسل هاشم |
|
وهل لي إلى تلك الدّيار وصول |
***
__________________
ـ «المجلس الأول من أمالي ابن ناصر الدين الدمشقي»جهد مشكور في جمع طرق هذا الحديث والكلام عليه ؛ يرجى له معه الأجر والثواب.
وانظر «مجالس في تفسير قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لابن ناصر الدين الدمشقي (٣٣ ، ٣٦ ، ٤٠ ، ١٢٤ ، ١٢٧ ، ١٣٦ ، ١٣٨ ، ٢٠٨ ، ٢٦٣ ، ٢٩٩ ، ٣١٣ ، ٣٤١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٤ ، ٤١٨ ، ٤٤٨ ، ٤٥٧).
تنبيه : قوله : «من في السماء»«في»هنا ليست بالظرفية ؛ وإنما هي بمعنى «على»ولذلك نظائر كثيرة في كتاب الله ـ جلّ وعلا ـ كمثل قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) وقوله : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ).
وهو من الأدلة الكثيرة على علوّه تعالى بذاته على خلقه ، وأنه فوق سماواته ، مستو على عرشه ، بائن من خلقه.
وقد ألّفت في ذلك مؤلفات مستقلة. انظر كتاب «العلو»للحافظ الذهبي ، و «مختصره»للعلامة الألباني ، و «الصواعق المرسلة»للإمام ابن القيم ٤ / ١٢٧٧ فما بعدها.
(١) متفق عليه. رواه البخاري (١) ، ومسلم (١٩٠٧). من حديث عمر رضياللهعنه.
(٢) وقد بيّن السيد عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس»١ / ٩٣ سبب افتتاح الرواة لقاءاتهم به فقال : «وتداولته الأمة ، واعتنى به أهل الصناعة ، فقدموه في الرواية على غيره ليتم لهم بذلك التسلسل ، كما فعلنا ، وليقتدي به طالب العلم فيعلم أن مبنى العلم على التراحم والتوادد والتواصل ، لا على التدابر والتقاطع ، فإذا شبّ الطالب على ذلك شبّ معه نعرة التعارف والتراحم ، فيشتد ساعده بذلك ، فلا يشبّ إلا وقد تخلق بالرحمة ، وعرّف غيره بفوائدها ونتائجها ، فيتأدب الثاني بأدب الأول ، وعلى الله في الإخلاص والقبول المعوّل».