البلد الثاني :
مكّة (١)
وهي بلدة شريفة متّسعة ، فضائلها متنوعة ، في بطن واد ، لعظم بركته يتسارع إليه العباد ، محدق بها جبال ، هي لها كالسّور العال ، وفيها بيت الله الحرام ، الذي تحطّ به عن قاصده الأوزار والآثام ، ويأمن من المخاوف داخله ، ولا تردّ مسائله ووسائله ، وهو قبلة المسلمين أحياء وأمواتا ، ونحلة الملبّين جمعا وأشتاتا ، وقد قرأت الحديث فيه ، وفي الحجر ومقام سيدنا إبراهيم الوجيه ، وبمقام الحنفية المكرّم ، وعلى شفير زمزم المعظّم ، وبسقاية سيدنا العباس ، وعلى جبل أبي قبيس بدون إلباس ، وبالمكان المأثور لمولد المصطفى ، وغيرها من الأماكن الزائدة فخرا وشرفا ، يسّر الله إلى العود إليها سبيلا ، ونشر على أهلها ظلّا ظليلا.
٢ ـ أخبرني الإمام ، الثقة ، أبو الفتح محمد بن أبي بكر بن الحسين ، المدني ، الشهير بالمراغي ، فيما قرأت عليه بالمسجد الحرام تجاه الكعبة زادها الله تعالى شرفا وتعظيما ، وأبو الفتح محمد بن عمر القاهري ـ إذنا ـ كلاهما عن الإمام ، الحافظ ، البهاء ، أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل قال الثاني : سماعا ، أنا أبو محمد بيبرس العديمي بقراءتي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغري ، أنا الشيخان : أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي ، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن تاج القراء قالا : أنا
__________________
(١) انظر «أخبار مكة»للفاكهي ، و «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام»للفاسي ، و «أخبار مكة»للأزرقي ، و «إتحاف الورى بأخبار أم القرى»لابن فهد ، و «معجم البلدان»لياقوت الحموي ٥ / ١٨١ ، و «مراصد الاطلاع»لصفي الدين البغدادي ٣ / ١٣٠٣.