تثنى عليه الخناصر ، وأن ينوّه بذكره في المحافل والمحاضر ، وبكلّ حال فالخمول مطلوب ، والإخلاص محبوب.
فقال المقرّظ له في كلام طويل : قد ارتحلت لمكة ، والمدينة ، وإسكندرية ، ومصر ، والقاهرة ، وثغر أسوان ، وقوص ، وأخميم ، وأسيوط ، ومنفلوط ، وفوّة ، ورشيد ، والجيزية ، ودمنهور ، والبحيرة ، وتروجة ، وغيرهن ، وزدت على أربعين بلدة ، وخرّجت لنفسي «الأربعين البلدانيات»وحدثت بها.
ثمّ الحافظ ، الزين ، أبو الفضل ، عبد الرحيم بن الحسين العراقي (١) ، وعدتها خمسة وثلاثون ، وسمعت تلميذه شيخنا يقول : إنه كان عزم على إخراج بعض الشيوخ المزاحمين للقرن التاسع ؛ ممن أخذ عنهم شيخنا لبعض القرى والسّماع منه ، قصدا لتكميلها أربعين ؛ فما قدّر.
ثمّ شيخنا ، وكاشف معضلاتنا ، الأستاذ ، الناقد ، الحجة ، الشهاب ، أبو الفضل ، أحمد بن علي بن حجر (٢).
__________________
(١) الإمام ، الحافظ ، المتقن. اشتغل بالعلوم ، وأحبّ الحديث ولازمه ، وأكب عليه ؛ حتى غلب عليه ، وتوغل فيه بحيث صار لا يعرف إلا به. وكان قد لهج بتخريج أحاديث «إحياء علوم الدين»وله من العمر نحو العشرين ، وخرجه تخريجا كبيرا ومتوسطا وصغيرا ، والصغير هو المسمى : «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار»أما التخريج الكبير فقد مات عن أكثره وهو مسودة كما قال الحافظ ابن حجر في «النكت»٢ / ٧٢٧ ، توفي سنة (٨٠٦).
انظر ترجمته في «الضوء اللامع»٤ / ١٧١.
(٢) الإمام ، الحجة ، خاتمة الحفاظ ، أمير المؤمنين في الحديث ، صاحب المؤلفات النافعة ؛ ومن أنفعها «فتح الباري شرح صحيح البخاري».
قال تلميذه السخاوي : «وقد سمعته يقول : لست راضيا عن شيء من تصانيفي ؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى «شرح البخاري»، و «مقدمته»، و «المشتبه»، و «التهذيب»، و «لسان الميزان»؛ بل كان يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أتقيد بالذهبي ، ولجعلته كتابا مبتكرا. بل رأيته في موضع أثنى على «شرح البخاري»، و «التغليق»، و «النخبة». وأما سائر المجموعات فهي كثيرة العدد ، واهية العدد ، ضعيفة القوى ، ظامئة الروى ..»ا ه.