ثمّ الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي (١) ، فخرّج «الأربعين البلدانيات»واتصلت بنا بالأسانيد البينات ، وقال (٢) : إنه نوع لم يسبقه مؤلّف ـ فيما يظنّ ـ إلى مثله ، مع تشوّقه (٣) إليه وميله ؛ إذ لا يقدر عليه كلّ أحد إلّا من عرف بالرحلة (٤) الوافرة ، والرحلة المتوافرة ، من بلد إلى بلد في عنفوان شبابه ، وابتداء طلبه للحديث وانتصابه ، نائيا كان المقصد أو قريبا ، ولم يبال بموته غريبا ، ولا بأهله وآله ، وما قد خلّفه من ماله.
وتبعه في التأليف ـ وإن تقدّمت وفاته عنه بيسير ـ الحافظ الكبير ، أبو القاسم ، عليّ بن الحسين بن هبة الله بن عساكر (٥) في «الأربعين»التي سمعتها وقرأتها.
__________________
ـ سافر إلى الحجاز ، واليمن ، والشام ، وفارس ، وخراسان ، وغيرها.
قال ياقوت الحموي : «وله في دخول البلدان ، ولقياه العلماء كتاب بناه على حروف المعجم ؛ في غاية الفصاحة». توفي سنة (٤٦٤).
انظر ترجمته في «معجم البلدان»٣ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، و «تاريخ الإسلام»للذهبي وفيات سنة (٤٦١ ـ ٤٧٩) صفحة (١٥٣).
(١) الإمام ، الحافظ ، المحدّث. بقي في الرحلة ثمانية عشر عاما يكتب الحديث ، والفقه ، والأدب ، والشعر. له «السفينة الأصبهانية»، و «السفينة البغدادية»، و «مقدمة معالم السنن»وغيرها ، توفي سنة (٥٧٦).
انظر ترجمته في «السير»٢١ / ٥.
(٢) في «الأربعين البلدانية»صفحة (٣٢) / تحقيق : عبد الله رابح ، وصفحة (٢٨) / تحقيق (!) مسعد السعدني. وهذه الأخيرة سقيمة للغاية ، مليئة بالتصحيفات والتحريفات ، وقد تصحّفت فيها عبارة السّلفي تصحيفا قبيحا ، وسقط منها الحديث الأول ـ بعد المقدمة ـ وهو طريق معاذ ـ رضياللهعنه ـ لحديث : «من حفظ على أمتي أربعين حديثا ..»فالله المستعان.
(٣) كذا في الأصل : «بالقاف»وفي «الأربعين»تحقيق : رابح : «تشوفه»بالفاء. وتحرفت في نشرة السعدني إلى «تشرفه».
(٤) كذا في الأصل بالحاء المهملة. وفي «الأربعين»الرّجلة. «بالجيم»وفي «القاموس»: الرّجلة : القوة على المشي.
(٥) الإمام ، العلامة ، الحافظ ، محدّث الشام ، صاحب «تاريخ دمشق»توفي سنة (٥٧١). وكتابه مطبوع متداول.
انظر ترجمته في «السير»٢٠ / ٥٥٤.