به ، ولذا لم يخرّج مسلم وابن خزيمة في «صحيحيهما»من حديثه إلا ما توبع عليه ، وكذا البخاري ؛ لكنه مع ذلك لا يفصح باسمه ، بل يبهمه فيقول : عن حيوة وغيره. والغير هو ابن لهيعة بلا شك.
وهو وإن اضطرب في هذا الحديث لما رواه الطبراني أيضا لكن في «الكبير»(١) من طريق سعيد بن أبي مريم عنه فقال : عن جعفر بن ربيعة ، عن ابن
__________________
هذا مع اختلافهم في احتراق كتبه ؛ قال إسحاق بن عيسى : احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين. وقال ابن معين : هو ضعيف قبل أن تحترق كتبه وبعد احتراقها. وقال ابن حبان : «.. ثم احترقت كتبه». ومنهم من يرى أنه ما احترق له كتاب. قال ابن أبي مريم : لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب. وقال محمد بن يحيى بن حسان : سمعت أبي يقول : ما رأيت أحفظ من ابن لهيعة بعد هشيم. قلت له : إن الناس يقولون : احترق كتب ابن لهيعة.
فقال : ما غاب له كتاب.
هذا مع كونه مدلسا كما قال ابن حبان.
هذا خلاصة كلام أهل العلم في ابن لهيعة ـ رحمهالله ـ ، ولابن حبان كلام حسن في بيان حال ابن لهيعة أسوقه بتمامه ، قال ـ رحمهالله ـ : وكان شيخا صالحا ؛ ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه ، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومئة قبل موته بأربع سنين ، وكان أصحابنا يقولون : إن سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح ، ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء. وكان ابن لهيعة من الكتّابين للحديث ، والجمّاعين للعلم ، والرحّالين فيه. وقال : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه ، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا ، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا ، فرجعت إلى الاعتبار ؛ فرأيته كان يدلّس عن أقوام ضعفى عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات ، فالتزقت تلك الموضوعات به. وقال : وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة ، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه ، فوجب التنكّب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين ، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه. ا ه
انظر «المجروحين»٢ / ١١ ـ ١٣ ، و «الجرح والتعديل»٥ / ١٤٥ ، و «ميزان الاعتدال»٢ / ٤٧٥ ، و «تهذيب الكمال»١٥ / ٤٨٧ مع التعليق عليه ، و «شرح علل الترمذي»لابن رجب ١ / ١٣٦. والله أعلم.
(١) رواه عنه أبو نعيم في «معجم الصحابة»٤ / ١٨١٤ رقم (٤٥٨٣) قال حدثنا سليمان بن أحمد به.