داخل مكة ، فإذا هو قد كان بينه وبين قومه شيء في صدر النهار ، لما أظهر من خلافهم واعتزل آلهتهم ، وما كان يعبد آباؤهم ، فقال : يا عامر بن ربيعة ، انّي قد فارقت قومي ، واتّبعت ملة ابراهيم ، وما كان يعبد اسماعيل من بعده ، كان يصلي إلى هذه البنيّة ، وانا انتظر نبيّا من ولد اسماعيل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثمّ من بني / عبد المطلب ، وما أراني أدركه ، وأنا أؤمن به ، وأصدّق به ، وأشهد أنّه نبي ، فإن طال بك يا عامر مدة ، فآمن به وأقرئه منّي السلام ، وسأخبرك ما نعته حتّى (١) لا يخفى عليك ، قلت : هلمّ. قال : هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ، ولا بكثير الشعر ، ولا بقليله ، وليس يفارق عينيه حمرة ، خاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد صلّى الله عليه وسلم ، وهذا البلد مولده ومبعثه ، ثمّ يخرجه قومه ، ويكرهون ما جاء به ، حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره ، فإياك أن تخدعنّ ، فإني طفت البلاد ، أطلب دين ابراهيم ، فكلّ من سألت من اليهود والنصارى يقولون : هو الذي وراءك ، وينعتونه لي مثل ما نعتّه لك ، ويقولون : لم يبق نبيّ غيره. قال عامر ابن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ ، فوقع الإسلام في قلبي ، فلما تنبّأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكنت رجلا حليفا ، فلم أقدر على اتباعه ظاهرا ، فأسلمت سرّا ، وكنت أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقول زيد بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ وأقرئه منه السلام ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يردّ عليه ، ويترحّم عليه ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «رأيته في الجنة يسحب ذيولا».
٢٤٢٠ ـ وحدّثني عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن محمد
__________________
٢٤٢٠ ـ إسناده مرسل ، ورجاله موثّقون.
رواه ابن إسحاق في السيرة (تهذيب ابن هشام ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٤ ، ورواه الطبري في
(١) مزجت عبارة (مانعته حتى) في الأصل ، حتى تكاد تقرأ (ما يقتضي) ... وفي تهذيب ابن عساكر وسأخبرك بنعته حتى لا يخفى عليك.