(غوث الأنام) يستغيثون بها على دفع كل ملم (ب) جاه (النبى) محمد (و) بجاه (آله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسّلام) انته شرح الخطبة ، فلنشرع بعدها فى المقصود ، فنقول : ابتدأ المصنف كتابه بعد التبرك بالبسملة بجملة الحمدلة لدلالتها على الدوام والثبوت ، ولكونها فاتحة الكتاب العزيز ، ولورود الأمر بالابتداء بها فى الحديث الشريف مع تضمنها أداء شكر بعض ما يجب شكره من النعم التى تأليف هذا الكتاب من آثارها فقال :
القول في الحمد والشكر
(الحمد لله) الحمد هو الثناء باللسان على قصد التعظيم ، والشكر فعل فيه تعظيم المنعم بسبب النعمة فحين لم يقيد الحمد بكونه فى مقابلة النعمة صح أن يكون متعلقه النعمة ، وأن يكون مجرد استحقاق الكمال ، وقد قيد باللسان ، فلا يرد إلا منه. وحين لم يقيد الشكر بكونه فعل اللسان صح وروده منه ومن سائر الأركان ، وقد قيد بكونه فى مقابلة الإحسان فلا يكون متعلقه غيره ، فالحمد على هذا أخص موردا إذ لا يرد إلا من اللسان ، وأعم متعلقا ، لصحة كون متعلقه الإحسان وغيره ، والشكر أعم موردا لوروده من اللسان وغيره ، وأخص متعلقا ؛ لأنه لا يكون إلا فى مقابلة الإحسان ، فلهذا كان بينهما عموم من وجه يجتمعان فى الفعل اللسانى فى مقابلة الإنعام ، وينفرد الشكر فيما يكون بغير اللسان ، والحمد فيما يكون لا فى مقابلة الإحسان ، وهذا أمر مشهور معلوم.
والله : علم على ذات واجب الوجود المستحق لكل كمال ؛ ولذلك علق به الحمد لئلا يتوهم اختصاص استحقاق الحمد لو علق بوصف كالرزاق مثلا بجهة ذلك الوصف فتضمن الكلام الاستحقاق الذاتى وسينبه على الاستحقاق الإحسانى بقوله بعد على ما أنعم ، وأل فى الحمد للجنس ؛ لأنه المتبادر عند انتفاء قرينة إرادة عموم الأفراد ، والعهد الخارجى ، ومع ذلك لا ينافى الاختصاص ؛ لأن التعريف بالألف واللام الجنسية مع كون الخبر ظرفا خاصا مما يفيد الاختصاص كقولنا : الكرم فى العرب والشجاعة فى قريش ، والطريق فى إفادته أن التخصيص بالجنس من حيث هو يستلزم انتفاء كل فرد