لهم وليس ذلك من ضعفهم. ونفى قوتهم والتواضع إنما يكون من رفعة وإنما يكون بدونها الضعة لا التواضع وإذا كان التواضع عن رفعة ، فالذلة التى وصفوا بها ناشئة عن العطف والرحمة ؛ لأن الذلة الصادرة عن الرفيع ليست كذلك إن كانت مدحا وإلا كانت مكرا وخديعة ، ولما استلزمت هذه الذلة معنى العطف ضمنت معناه ، فعديت بعلى لأن العطف يتعدى بعلى وعلى هذا يكون التجوز فى تضمين الفعل وعلى على بابها ، ويجوز أن لا يراعى التضمين فى الذلة بل تبقى على معناها ، وإن فهم من القرائن أنها عن رحمة ثم يتجوز فى استعمال على موضع اللام للإشارة إلى معناها الذى اقتضته القرائن ، وهو أن ذلك عن رفعة لأن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض ، والمعنيان المجوزان متلازمان صحة ، والفرق بينهما وجود التضمين فى الفعل على الأول وانتفاؤه على الثانى. وإنما استعمل الحرف فى موضع آخر فإن قيل : قوله تعالى أعزة على الكافرين يدل على معنى مستقل لم يستفد مما دل على أصل المراد مما قبله ، فكيف كان إطنابا قلنا : ليس شرط الإطناب أن لا يكون فيه معنى مستقل ، بل يجوز وجود الإطناب إذا استقل لفظه وكان فى إفادته دقة مناسبة لا يراعيها إلا البلغاء دون الأوساط من الناس ، ودفع ما يتوهم بزيادة وصف العزة على الكافرين من هذا القبيل لا مما يدركه الأوساط حتى يكون مساواة. وقد تقدم مثل هذا وأيضا قد بينا أن الوصف بالذلة ، حيث عديت بعلى فيه إشارة إلى أن لهم عزة بالنسبة لغير المؤمنين ، فالوصف بالعزة أفاده ما قبله نوع إفادة فليتأمل.
الوجه السابع : التتميم
(وإما بالتتميم) أى : يحصل الإطناب إما بكذا وإما بكذا وإما بما يسمى بالتتميم (وهو) أى : التتميم (أن يؤتى فى كلام) من وصف ذلك الكلام أنه (لا يوهم خلاف المقصود بفضلة) وهو ما ليس أحد المسندين من الفضلات المعلومة ، كالمفعول والحال والمجرور والتمييز والتوابع ، وليس المراد ما يتم أصل المعنى بدونه حتى تدخل الجملة الزائدة على أصل المراد كما قيل ، وإنما لم يكن هذا هو المراد لوجهين :