على وجه المبالغة هو معظم أبواب علم المعانى فإذا كان بتلك المنزلة وأنه بمنزلة معظم أبواب علم المعانى بل بمنزلة كله لسهولة إتقانها عند إتقانه والجامع به يتحقق الفصل والوصل ، تأكدت حاجة صاحب هذا العلم إلى معرفة الجامع (لا سيما) أى لا مثل الجامع (الخيالى) فى التأكد بمعنى أنه أوكد أنواع الجامع (فإن جمعه) أى إنما قلنا الخيالى أوكد لأن جمعه إنما يأتى ويدرك (على مجرى) أى : على جريان (الإلف) أى : الشيء المألوف (والعادة) أى : المعتاد ومعنى الجريان وقوع ذلك المألوف من الصور ، والمعتاد منها وقوعا متكررا فى الخيالات والنفوس. فبذلك يحصل الاقتران الذى هو الجامع ، وقد تقدم أن ذلك الوقوع الحاصل بالمخالطة يحتاج إلى سبب وأن السبب يختلف باختلاف الأشخاص والأغراض والأزمنة والأمكنة ، ولما كانت الأغراض المؤدية إلى المخالطة لا تنحصر فأتت تلك الأسباب الحصر فالصور الخيالية لا ينحصر اختلافها باعتبار الخيالات ، فيصح أن يكون كل ما يفرض منها فى خيال دون آخر ، ولهذا تجد الشيء الواحد قد يحضر ويراد تشبيهه بصور من الصور الحسية المخزونة فى الخيال ، فيشبهه كل شخص بصورة مخالفة لما شبهه به الآخر لأن الملحق به لكل هو الحاضر فى خياله كما روى أن صاحب سلاح وصاحب صياغة وصاحب بقر ومعلم صبية ، طلع عليهم البدر بعد التشوف إليه ، فأراد كل تشبيهه بأفضل ما فى خزانة خياله فشبهه السلاحى بالترس المذهب الموضوع بين يدى الملك ، والصائغ بالسبيكة المدورة من الإبريز ، والبقار بالجبن الأبيض يخرج من قالبه ، ومعلم الصبيان برغيف أحمر يصل إليه من بيت ذى مروءة وثروة ، فالصور التى من شأنها حصولها فى الخيال اختلفت فى حضورها فى الخيالات بمعنى أنها وجدت فى خيال دون آخر فإذا عطفت باعتبار من لم يوجد عنده اقترانها كان العطف فاسدا إلا أنه يبقى النظر هنا فى المعتبر خياله هل المراد خيال المتكلم أو السامع أو هما معا والأقرب أن المعتبر السامع لأنه هو الذى يراعى حاله فى غالب الخطاب ثم إنا قد فسرنا الجامع العقلى بالأمر الذى يقتضى العقل به الاجتماع عند المفكرة ، ولم نشترط كونه مدركا للعقل بأن يكون كليا ، بل يكون عقليا ولو كان جزئيا يدرك فى الأصل بالوهم والخيالى بما يقتضى الخيال الاجتماع