تشبيه القطع بالقطع لا يقتضى تشبيه المقطوع عنه بالمقطوع عنه ، لصحة كون القطع من وجود ربط يشبه ذلك الربط ، مع كون المقطوع عنه فى أحد الربطين سببا ، والآخر سبب السبب مثلا ، ولا ينزل أحدهما منزلة الآخر إلا في مجرد الربط وهو مستشعر من تشبيه القطع بالقطع من غير حاجة لتشبيه أحد المقطوع عنهما بالآخر ، ولهذا يصح هنا أن يجعل كون الجملة الأولى منشأ السؤال الذى هو سبب الجواب كافيا فى القطع ؛ لأنها سبب السبب من غير حاجة لزيادة تنزيلها منزلة السؤال وتشبيهها به ، كما أشار إليه صاحب الكشاف حيث جعل الاستئناف كالجارى على المستأنف عنه ، وكالمتصل به ولهذا لا يصح عطفه عليه لما بينه وبينه من الاتصال ولو كان على تقدير السؤال إذ لو نزل المستأنف عنه بمنزلة السؤال لم يصلح كون الجواب كالجارى عليه إذ لا يجرى الجواب على السؤال على أنه وصف له ، فقد اكتفى بمجرد الربط الحاصل بالنشأة ، ولم يعتبر تشبيهه بالسؤال ولا تشبيه الاستئناف بالجواب لا يقال الاكتفاء بمجرد كونه منشأ السؤال ، فصار سبب السبب ينافيه جعل السؤال كالمذكور على ما قال السكاكى ؛ لأنا نقول : تقدم أن جعل السؤال كالمذكور ليس للقطع بل لنكت أخرى تقدمت ولك أن تقول تنزيل الأولى منزلة السؤال للقطع ، أو كونها منشأ للسؤال للقطع ، أو تقدير السؤال كالمذكور للقطع مآلها واحد. والاختلاف فى الاعتبار والتعبير والتلازم حاصل فى الكل فأى فائدة لهذا الاختلاف تأمل فى هذا المقام.
(ويسمى الفصل) أى : ترك العطف (لذلك) ، أى : لأجل كون الجملة التى لم تعطف جوابا لسؤال اقتضته الأولى (استئنافا) تسمية للازم باسم الملزوم ؛ لأن الاستئناف الذى هو الإتيان بكلام مستقل فى جميع أجزاء تركيبه عما قبله يستلزم قطعه أى : ترك عطفه على ما قبله (وكذا) تسمى تلك الجملة (الثانية) نفسها استئنافا تسمية للشيء باسم ما يتعلق به ؛ لأن الجملة لابسها الاستئناف وتعلق بها ، ولذلك يقال فيها : مستأنفة أيضا.