التقييد لمانع واضح كما فى قوله تعالى (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) فحيث لم يتضح المانع منع للإيهام كما فى قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) فافهم ثم أشار إلى وجه آخر مانع من العطف فى قوله : أراها فى الضلال تهيم بقوله (ويحتمل الاستئناف) يعنى أن قوله : «أراها» يحتمل أن يكون غير استئناف بأن يقصد الإخبار بها كما قبله من غير تقدير سؤال يكون جوابا عنه ، فيكون المانع من العطف هو الإيهام السابق ، ويحتمل أن يكون استئنافا بأن يقدر سؤال يكون هو جوابا عنه ، فكأنه قيل : وكيف تراها فى ذلك الظن ، فقال : أراها مخطئة تتحير فى أودية الضلال والغلط ، فيكون المانع كون الجملة كالمتصلة بما قبلها لاقتضائه السؤال أو تنزيله منزلة السؤال.
والجواب ينفصل عن السؤال لما بينهما من الاتصال ، كما أشار إلى تحقيق ما هى كالمتصلة لأجل ذلك بقوله :
الفصل لشبه كمال الاتصال
(وأما كونها) أى : كون الجملة الثانية (كالمتصلة بها) أى : بالجملة الأولى (ف) يتحقق (لكونها) أى : الجملة الثانية (جوابا لسؤال اقتضته) الجملة (الأولى) لكونها مجملة فى نفسها ، باعتبار الصحة ، كما فى المثال السابق لأنّ الظنّ يحتمل الصحة وعدمها أو مجملة السبب أو غير ذلك مما يقتضى السؤال كما يأتى ، وإذا كانت الأولى تقتضى السؤال (ف) هى (تنزل منزلته) أى : منزلة السؤال لأنّ السبب يتنزل منزلة المسبب لكونه ملزوما له ومقتضيا له (فتفصل) الثانية حينئذ (عنها) أى : عن تلك الأولى ، المقتضية للسؤال المقتضى للجواب الذى هو الثانية ، وفصلها عنها حينئذ (كما يفصل) أى : كفصل (الجواب عن السؤال) لما بينهما من الاتصال والربط الذاتى المنافى للعطف المقتضى للحاجة إلى العاطف وبعضهم يجعل منع العطف بين الجواب والسؤال لما بينهما من كمال الانقطاع ، إذ السؤال إنشاء والجواب إخبار وقد ورد على منع العطف على الجملة التى هى كالسؤال قوله تعالى : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ)(١) بعد قوله (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) إلخ إذ هو فى تقدير : ولم استغفر
__________________
(١) التوبة : ١١٣ : ١١٤.