للعطف ، فيصح وجودها مع منع العطف ، كما في المثال وكما في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) لم يعطف على مجموع جملة الشرط والجواب التي هي قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) لئلا يتوهم أنه معطوف على جملة قالوا أو جملة «إنا معكم» فيفيد الأول الاختصاص بحال الخلوة ، والثانى كونه مقول الكفرة وكل ذلك غير صحيح وليس المانع من العطف فيه كون الأولى جملة الشرط ولا يصح عطفها ، ولا العطف عليها ولا المانع انتفاء الجامع وذلك لصحة العطف على جملة الشرط والجزاء معا كقوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(١) فقوله (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) معطوف على مجموع الشرط ، والجزاء لا على الجواب ، إذ لا معنى لقولنا : «إذا جاء أجلهم لا يستقدمون» وصحة العطف فى قوله تعالى (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ)(٢) ولوجود الجامع فإن الاستهزاء فى الثانية موافق فى المعنى لقولهم فى خلوانهم إذ قولهم ذلك استهزاء واستخفاف بحق المؤمنين بالله تعالى ، والاستهزاء بالمؤمن بالله تعالى استهزاء بجانبه تعالى فى نفس الأمر فالاستخفاف فى الجملة مشترك بين الجملتين ، والمسند إليهما بينهما مناسبة العداوة التى هى كالتضايف ، وهذا يقتضى أن الجامع إنما يعتبر بين جملتى الجواب والمعطوف ، وهذا هو الموافق لجعل جملة الشرط فضلة كسائر الفضلات فلا يعتبر لها جامع ، لكن هنا شيء لا بد من التنبيه عليه وهو أن الجامع إذا لم يعتبر إلا بين الجواب والجملة المعطوفة فقد آل الأمر إلى أن العطف إنما هو على الجواب ، فيعود المحذور وقد يجاب بأن العطف على الجواب إنما هو مع إدراج الشرط ، وجعله كالجزء من الجواب لا أنا عطفنا على الجواب من حيث إنه جواب الشرط ، إذ يقتضى ذلك تقدير الشرط للمعطوف فيتحقق المحذور ، ويرد حينئذ أن يقال : إذا جعل الشرط مدرجا فى جملة المعطوف عليه وهو الجواب حتى كأنه فضلة من الفضلات المعدودة فى حيزه عاد تقديمه مفيدا لتقييد المعطوف به كما تقدم ، فيعود المحذور والجواب أنه كذلك لكن قد ينتفى
__________________
(١) الأعراف : ٣٤.
(٢) الأنعام : ٨.