المانع ؛ لأن مانع الإيهام عارض يمكن دفعه بالقرينة بخلاف ما بينهما كمال الانقطاع. فالمانع فيهما ذاتى لا يمكن دفعه ، (ويسمى الفصل) أى : ترك العطف (ل) أجل (ذلك قطعا) إما من تخصيص الخاص باسم العام اصطلاحا ؛ لأن كل فصل قطع ، وإما لأن فيه قطع توهم خلاف المراد (مثاله) أى : مثال الفصل لدفع الإيهام المسمى بالقطع (قوله :
وتظن سلمى أننى أبغى بها |
بدلا أراها فى الضلال تهيم) (١) |
فإن جملة «أراها» حاصل معناها «أظنها» فهى مع جملة «تظن سلمى» متحدتا المسندين. والمسند إليه فى الأولى محبوب ، وفى الثانية محب ، وذلك شبه التضايف ، فبين الجملتين مناسبة باعتبار المسندين والمسند إليهما معا لكن منع من العطف إيهام عطف خلاف المراد ، إذ لو عطفت لتوهم أنها معطوفة على قوله أبغى ، فيكون المعنى أن سلمى تظننى موصوفا بوصفين : أحدهما : أنى أبغى بها بدلا ، والآخر : أنى أظنها تهيم فى أودية الضلال ، فيفوت الإخبار بأنها أخطأت فى ظنها أنى أبغى بها بدلا ، وذلك أن الشاعر قصر حبه عليها فأراد أن يخبر جزما بأنها تهيم فى أودية الضلال فى هذا الظن ، لا أن يخبر بظنها أنه موصوف بالوصفين.
ففى العطف إيهام الخلل فى المعنى لكن المناسب على هذا أن يحمل أرى على معنى أتيقن ، فلا يكون نفس الظن الكائن فى الجملة الأولى ، فلا يتحد المسندان والجواب أن اليقين أخص من الظن فالاتحاد لازم لاشتمال الأول على مطلق الرجحان الكائن فى الثانى مع زيادة ، ولم يعتبر ما فى القطع من إيهام الخبرية فى جملة : «أراها» أو التأكيد وشبه ذلك مما يحتمل أن يحتمل لها فى المقام ؛ لأن أصل الجملة الاستئناف ، فتحمل عليه إلا لدليل قوى ، ولم يوجد بخلاف العطف ، فلا بد من معطوف عليه ، والمتبادر أنه هو الأقرب الذى هو جملة أبغى فتقوى الإيهام فيه دون الفصل ، ثم المناسبة المثبتة ههنا خلاف المناسبة المثبتة فى باب الوصل ، فلا يرد أن يقال الفصل لا تكون فيه مناسبة ؛ لأنا نقول : المناسبة التى لا تكون فيه هو المصححة للعطف بخلاف التى معها الإيهام المنافى
__________________
(١) البيت لأبي تمام أورده محمد بن علي الجرجانى فى الإشارات ص (١٢٩) ، غير منسوب ، والمفتاح ص (٢٦١) ، ومعاهد التنصيص (١ / ٢٧٩) ، والمصباح ص (٥٨) ، وعقود الجمان ص (١٨١).