بالشيء ، فلما شبهوا بالنافى فى ذلك ناسب تنزيلهم منزلة المنكرين ، فخوطبوا برد الإنكار المقدر للاعتبار المناسب وهو الإشعار بأنهم فى غاية الاستعظام ، وغاية الحرص الذى ينزلون فيه منزلة المنكرين ، وأنهم بحيث يخاطبون بهذا الخطاب التنزيلى ردا لهم عما عسى أن ينبنى على ذلك الاستعظام مما ينبنى على نفى المستعظم ، وقد وقع من بعضهم ذلك البناء حتى أنكر الوفاة يومها وشغله ذلك الإنكار عما يقتضيه الحال من الشغل بإقامة الدين من بعده ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكان يقول : والله لا أسمع رجلا قال مات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلا فعلت به كذا وكذا وقال بعضهم : إنما ذهب للمناجاة كموسى حتى أتى المتمكن الصديق ، فنفى ذلك ، وأقام الدين بما أمر الله تعالى به ـ رضوان الله على الجميع ـ على أنهم لهم عذر فى ذلك الاستعظام ؛ لأن وفاة سيد الوجود هو الرزء الأكبر والهول الأخطر الذى يكاد أن تزلزل قواعد التكليف بهوله ، ويسقط بناء ضبط الإدراك من أصله جعلنا الله تعالى من المؤمنين بالله العارفين به المحبين لنبيه ـ صلىاللهعليهوسلم.
هذا على أنه قصر أفراد وعليه مر المصنف ، ويحتمل أن يكون من قصر القلب بأن يكون مصب القصر إلى مفاد الجملة التى هى فى محل النعت عند بعضهم ، فيكون التقدير : وما محمد إلا رسول خلت الرسل قبله فيذهب كما ذهبوا لا أنه رسول لا يذهب كما عليه المخاطبون بتنزيل إعظامهم منزلة إنكارهم فكأنهم قالوا هو رسول لا يموت فقيل لهم : بل هو رسول يموت كغيره ، أو بأن يقدر وما محمد إلا رسول لا أنه ليس برسول كما عليه المخاطبون ؛ لأن نفى الموت الذى نزلوا منزلة المتصف به لا يكون مع الإفرار بالرسالة أو لا أنه إله لأن نفى الهلاك الذى جعلوا موصوفين به لا يكون إلا للإله.
وفى هذين الوجهين الأخيرين بعد (أو قلبا) معطوف على قوله أفرادا أى : إما أن يكون القصر الذى استعملت فيه ما وإلا للتنزيل قصر أفراد كما تقدم وإما أن يكون قصر قلب (نحو) قوله تعالى حكاية عن الكافرين فى خطاب الرسل (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا