علة المنع أشار بقوله : (لأن شرط) صحة (المنفى بلا) العاطفة (أن لا يكون) ذلك المنفى بها (منفيا قبلها بغير) شخص (ها) ودخل فى غير شخصها جميع أدوات النفى دون غيرها ، وأدوات النفى التى هى غيرها كما وليس ولا التى لنفى الجنس ولا عاطفة أخرى لأنها غير شخصها ولو كانت من نوعها ولذلك لا يصح أن يقال : قام القوم لا النساء لا هند لأن هندا نفيت فى ضمن النساء بغير شخص لا التى نفتها وأما نفى مدخولها بشخصها قبلها فلا يتصور لامتناع النفى بها قبل ورودها نظير قصد الشخص فى نفى ما يتعلق بغيره قولنا : دأب الرجل الكريم أن لا يؤذى غيره فإن المراد أن لا يؤذى غير شخصه لا غير نوعه حتى يصح أن يؤذى كريما مثله ، فإن هذا المعنى لا يراد قطعا وإنما المعنى أن : الإذاية المتعلقة بغيره تنفى عن شخصه فيتناول كريما آخر وغير الكريم وأما شخصه فمعلوم أنه لا يؤذيه فافهم.
وإنما شرط فيها هذا لأنها موضوعة ؛ لأن ينفى بها ما أوجبته للمتبوع لا لأن يعاد بها شيء قد نفى أولا أو ينفى بها نفى فتعود إيجابا وحيث كان هذا أصل وضعها تعذر أن ينفى بها بعد النفى والاستثناء لأنك إذا قلت ما زيد إلا قائم فالغرض منه نفى كل صفة غير القيام عن زيد من الصفات التى يقع فيها النزاع والصفة التى تنفيها بلا بعد هذا يجب أن تكون مما وقع فيه النزاع وإلا خرجت عما يراعى فى خطاب العطف بها من إفادة الحصر أو تأكيده فإذا قلت مثلا : لا قاعدة فالقعود المنفى بها مما وقع فيه النزاع ، وقد نفيت كل ما وقع فيه النزاع قبل الإتيان بها ، فلزم نفيك بها ما قد نفى بغيرها ، وقد عرفت أن وضعها لنفى ما لم ينف بغيرها فلم يصح ورودها بعد النفى والاستثناء ، قيل : المنع إذا عطف على المستثنى منه ، وأما إن عطف على المستثنى فهو جائز ؛ لأنه معطوف على المثبت فإذا قلت : ما قام القوم إلا زيد لا عمرو صح على أنه معطوف على زيد ؛ لأن المعنى نفى القيام عن غير زيد وإثباته لزيد ، ثم نفى إثباته عن عمرو لعطفه بلا النافية على زيد الثابت له القيام فيلزم نفى القيام عن عمرو تفصيلا كما نفى عنه فى ضمن القوم إجمالا ، وفيه نظر مع ما تقرر من اشتراط أن لا ينفى