منفيها قبلها ، وليس من شرطها أن لا ينفى تفصيلا فقط ، وهذا فى نحو هذا المثال لما فيه تفصيل منفيها.
وأما نحو ما قام القوم إلا زيد لا غيره فلا يصح سواء عطف على المستثنى منه أو على المستثنى لأن عطفه على المستثنى منه إن كان مع بقاء النفى فى مدخولها فهو محض تأكيد بالإجمال وإن لم يبق النفى بأن كان نفى النفى فهو إثبات مناقض لا نفى الكائن قبل الاستثناء ، وليست لإبطال النفى فأصل وضعها أن ينفى بها ما أوجبته وأما عطفه على المستثنى فهو للتأكيد الإجمالى فلا فائدة فيه ، ثم قولهم أصل وضعها أن ينفى بها ما أوجبته للمتبوع ولا يظهر اطراده فى قولنا : زيد قائم لا قاعد ؛ لأن المنفى فيها خلاف المثبت للمتبوع ، وأجيب بأن المتبوع قائم وقد أوجب له الثبوت ثم نفى الثبوت بها عن القعود وهو ظاهر ، وقيدنا الداخل فى غيرها من موجبات النفى بكونها جميع أدوات النفى لا غيرها ، ليخرج ما أوجب نفيا من غير أدوات النفى كالفحوى كما فى قولنا : زيدا ضربت فلا يمتنع أن يقال : لا عمرو وكعلم السامع فلا يمتنع إذا علم السامع أن عمرا لم يقم أن يقال : قام زيد لا عمرو وكأنما فلا يمتنع أن يقال : إنما قام زيد لا عمرو ولو تضمنت النفى لعدم كونها من أدواته (ويجامع) أى النفى بلا العاطفة (الأخيرين) وهما إنما والتقديم (فيقال) فى مجامعته للأول : (إنما أنا تميمى لا قيسى و) يقال فى مجامعته التقديم (هو يأتينى لا عمرو) ويكون الحصر مستفادا منها ، والعطف بلا تأكيد ، ولا ينسب له الحصر لتبعيته ، والتقديم فى قوله هو إلخ ولو كان قد يكون للتقوى ، لكن الغرض منه هنا الحصر بدليل العطف المؤكد له.
نعم قد يقال : لا تقديم فيه لأنه مسند إليه ، فهو فى محله لا سيما على مذهب غير السكاكى ، أما على مذهبه فيمكن أن يتخيل أنه بمنزلة أنا قمت فلذلك كان الأولى أن يمثل بنحو : زيدا ضربت وإنما جاز مجامعة النفى بلا هذين (لأن النفى) المعتبر لإفادة الحصر (فيهما) أى : فى هذين الأخيرين وهما إنما والتقديم (غير مصرح به) وإنما صرح فيهما بالإثبات فلم يقبح تأكيد ما تضمناه ، والنفى بلا بخلاف ما وإلا فقد صرح فيهما بالنفى فصدق أنه نفى بلا معهما ما نفى بأداة أخرى مستقلة قبلها فصدق فى