الشيء معنى شيء لا يقتضى كونه هو من كل وجه بخلاف كونه نفسه ولهذا يقال : إن إنما ولو شاركت ما وإلا فى إفادة القصر تختلف عنهما فى أن تستعمل مثلا فيما من شأنه أنه لا ينكر ، وما وإلا بالعكس كما سيأتى ، ولو كانت نفس ما وإلا كما فى المترادفين لم تختلف عنهما بإفادة غير مفادهما وإنما قلنا حتى كأنها مرادفة لهما إشارة إلى أن الترادف الحقيقى لا يكون بينها وبينهما ؛ لأن الترادف اصطلاحا إنما يكون فى المفردين لا بين مفرد كأنما هنا ومركب كما وإلا فليفهم.
ولما احتاج إلى بيان إفادة إنما للقصر ؛ لأن من الناس من أنكر ذلك استدل عليه بثلاثة أوجه فقال : وإنما قلنا إن إنما تتضمن معنى ما وإلا المفيدتين للقصر (لقول المفسرين) الموثوق بتفسيرهم لكونهم من أئمة اللغة والبيان (فى) قوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)(١) معناه ما حرم عليكم إلا الميتة وهذا من باب الاستدلال بالنقل عن اللغة لأن المفسرين حيث قيدوا بكونهم من أئمة اللغة والبيان الموثوق بهم ما قالوا إلا ما تقرر عندهم لغة وبيانا ، فلا يرد أن يقال : لا معنى للاستدلال على معنى لفظ لغوى ؛ لأنه إنما يثبت بالنقل ، ولأن المفسرين إنما يستمدون من فنون العربية فى تفسيرهم فكيف يستدل بتفسيرهم على الفنون العربية ؛ لأن فى ذلك توقف الشيء على ما يتوقف عليه وإنما لم يرد لأن تقييد المفسرين بكونهم من علماء العربية القائلين بما تقرر عندهم نقلا يدفع ذلك.
(و) هذا المعنى المذكور لإنما فى هذه الآية (هو) المعنى (المطابق ل) معنى الآية فى (قراءة الرفع) فى الميتة مع بناء حرم للفاعل لأن ما ـ حين رفع الميتة ـ يجب أن تكون موصولة فيكون التقدير : إن الذى حرم عليكم هو الميتة ، ولا يجوز أن تكون ما كافة كما فى القراءة الأولى إلا على وجه بعيد ، وهو أن يكون المعنى : إنما حرم الله تعالى عليكم شيئا هو الميتة.
وهذا الوجه لا يرتكب لوجود ما هو أسهل منه ، وهو جعلها موصولة المؤدى لتعريف الجزأين فيفيد الكلام الحصر (لما مر) فى تعريف المسند من أن تعريف الجزأين
__________________
(١) البقرة : ١٧٣.