أن إثبات المخاطب هو المشعر ، فلا يتوقف أيضا على التنافى ؛ بل يفهمه منه المتكلم بقرينة ، أو بعبارة كأن يقال (ما زيد إلا كاتب) فيقول المتكلم ردا عليه (ما زيد إلا شاعر) فما ذكره المصنف من الشرط فى القصرين لا يتم إلا إن ثبت بالاستقراء أن البلغاء لا يستعملون أحد القصرين إلا بالشرط المذكور له ، ولم يثبت ثم بين أن قصر التعيين لا يشترط فيه أحد الشرطين فقال (وقصر التعيين) وهو إثبات المتكلم أحد المتردد فيهما أو المتردد فيها (أعم) محلا من كل من قصرى الإفراد والقلب ؛ لأن الأول على ما مر عليه المصنف محله ما لا تنافى فيه ، والثانى محله ما فيه التنافى ، وقصر التعيين محله ما فيه التنافى وغيره ، فيكون أعم من الأول بما فيه التنافى ، ومن الثانى وهو قصر القلب بما ليس فيه وبه يعلم أن المراد ، وقصر التعيين أعم من الأول بخصوصه لوجوده فى محل الثانى ، ومن الثانى بخصوصه لوجوده فى محل الأول لا أنه أعم منهما معا حتى يلزم وجود محل يصدق فيه وحده ، وهو ما ليس فيه التنافى ولا عدمه ، فإن هذا فاسد كما لا يخفى وقيدنا العموم بالمحل للإشارة إلى أن العموم باعتبار التحقق فى محل لا باعتبار نفس حقيقة قصر التعيين ؛ لأنها مباينة لكل من القصرين إذ لا يصدق قصر الإفراد إلا فى اعتقاد المشاركة ، وقصر القلب إلا فى اعتقاد العكس وقصر التعيين إلا فى عدم الاعتقادين فليفهم.
طرق القصر
(وللقصر طرق) أى : أسباب لفظية تفيده ، وهى كثيرة منها : تعريف الجزأين ، وفصل المبتدأ بضمير الفصل وقولك مثلا (جاء زيد نفسه) أى : لا غيره ، وقولك (زيد) مخصوص بالقيام دون عمرو المذكور للمصنف هنا أربعة ، وإنما لم يذكر غيرها ؛ لأن الغير إما أنه ليس معدودا من الطرق اصطلاحا كالتأكيد المعنوي كقولك (جاء زيد نفسه) كما تقدم ، وإما أنه مخصوص بالمسندين كضمير الفصل والأفيد ذكر ما يعم وإما لأنه عائد إلى هذه الأربعة ، كبل ـ التى هى للإضراب ـ ولكن التى للإستدراك لا للعطف لأنهما يرجعان إلى معنى العطف ولزيادة الطرق على الأربعة لم يقل فى عدها ، وهى كذا وكذا ؛ بل أتى فى عدها بمن المقتضية للتبعيض ، وإلى ذلك أشار بقوله :