فيه فلم يعترض عليه إلا بما تحقق إهماله له ، وهو التنافى فى نفس الأمر ؛ ولكن الصواب مع السكاكى ؛ لأن اشتراط التنافى الذى ذكر المصنف يقتضى أن قولنا (ما زيد إلا شاعر) ردا على من زعم أنه كاتب لا شاعر ليس قصر قلب لعدم تنافى الشعر ، والكتابة ، كما أنه ليس إفرادا ، ولا تعيينا لعدم اعتقاد المشاركة ، وعدم التردد ولا شبهة فى أنه قصر قلب وقد نص عليه السكاكى ، وهو حق لا شك فيه ، ثم لو حمل على التنافى فى الاعتقاد كان خاليا عن الفائدة للعلم بأن قصر القلب ، إنما هو عند اعتقاد ما ينافى حكم القصر المذكور كما تقدم فى قصر الإفراد ، وأيضا يكون هذا الكلام منافيا حينئذ لقوله ، وقصر التعيين أعم منهما ؛ لأنه إذا أريد المنافاة فى الاعتقاد صدق قصر القلب فى الوصفين المتنافيين ، وفى غيرهما فلا يزيد عليه قصر التعيين بغير المتنافيين ، وهذا أعنى كون قصر التعيين غير أعم يلزم ـ أيضا ـ بالنسبة لقصر الإفراد على ما حملناه عليه لأجل ما تقدم إذ لا يختص قصر الإفراد حينئذ بما لا تنافى فيه فلا يزيد عليه قصر التعيين فقد ظهر ما فى كلام المصنف من الخبط ، فالصواب ما عند السكاكى من إسقاط هذين الشرطين ، ولا يقال لعله أراد بشرط عدم تنافى الوصفين أو تنافيهما شرط الحسن فى القصرين لأنا لا نسلم أن لا حسن فيما لا تنافى فيه بالنسبة لقصر الإفراد وأيضا ليس فى الكلام ما يدل على الحسن وخص المصنف ـ أيضا ـ هذا الشرط بقصر الموصوف ؛ لأنه أكثر فى المشاركة فاحتيج إلى الشرط فيه بخلاف قصر الصفة ، فالتنافى فى الاتصاف فيها نادر كما تقدم فى قولك (ما أبو زيد إلا عمرو) ، فكأن قصر الصفة لضعف التنافى فيه مخصوص بقصر الإفراد ، أو التعيين فلم يذكره ، ولو كان على ما ذهب إليه المصنف لا بد من التنافى باعتبارها ـ أيضا ـ ويحتمل أن يكون تخصيص الشرط بقصر الموصوف لعدم اشتراطه فى قصر الصفة لا لندور التنافى فيه ، وهو مما يؤيد بطلان الشرط تأمل ، والله أعلم.
وأما تعليل المصنف شرط التنافى بقوله (ليكون إثبات الصفة مشعرا بانتفاء غيرها) فهو مما يؤكد إرادة التنافى فى نفس الأمر ، وفيه بحث ؛ لأنه إن أراد أن إثبات المتكلم هو المشعر بنفى غيرها فأداة القصر مشعرة بذلك من غير حاجة للتنافى وإن أراد