وبكر مثلا ، وإن اشتركا فى أن كلا منهما ثبتت فيه الصفة لغير المذكور فى نفس الأمر فى الجملة ، ولهذا الاشتراك قيل إن التفريق بينهما دقيق ، وقد تبين بما ذكرنا أن القصر الادعائى بالمبالغة لا يختص بقصر الصفة على الموصوف ، ولا بالحقيقى بل يجرى فى قصر الموصوف على الصفة ، وفى الإضافى مطلقا فإذا كانت صفات فى شخص ، وكان مشهورا بواحدة لكمالها فيه وأريد أن يبين أن غير تلك الصفة فى ذلك الموصوف ضعيف بالنسبة إليها حتى كأنه لم يتصف إلا بتلك الصفة حصر الموصوف فيها ، فيقال مثلا (ما حاتم إلا جواد) أى : لا يتصف بغير الجود من الصفات مبالغة فى كمال الجود فيه ، فكأن غيره فيه عدم ، وتقول مثلا ـ فى قصر الصفة على الموصوف الإضافى مبالغة ـ (ما عالم إلا زيد) أى : لا عمرو ، ولو كان عمرو عالما ـ أيضا ـ ، ولكن تنزل علمه كالعدم بالنسبة لعلم زيد ، وفى قصر الموصوف الإضافى مبالغة ما زيد إلا كاتب أى : لا شاعر ولو كان شاعرا ، وكاتبا معا ؛ تنزيلا لشعره منزلة العدم بالنظر لكتابته ، وذلك ظاهر ، ثم أشار إلى تعريف خصصه بالإضافى ليرتب عليه تسامى وتفصيلا فيه فقال : (والأول) أى : قصر الموصوف على الصفة الكائن (من غير الحقيقى) هو (تخصيص أمر) بثبوت (صفة) ثبوتا كائنا (دون) ثبوت صفة (أخرى) فهم منه أن ثم صفة يمكن أن تشارك هذه فى تخصيص ذلك الأمر بهما ، لكن جعلت له إحداهما فى مكان ليست فيه تلك الأخرى ، فيفهم منه أنه لم يتصف بتلك الأخرى ، وأن تلك الأخرى لم يتقرر لها ذلك المكان بدلا عن هذه ، وعلى هذا يكون استعمال دون فى المكان المجازى وهو كون الموصوف لم تشارك فيه الصفة المثبتة ، وأصل دون أن تستعمل فى أدنى مكان من الشيء حسا يقال : هذا دون ذاك ، إذا كان فى مكان قريب من ذلك ، وربما تستعمل فى المكان المعنوى مع مراعاة أن صاحب ذلك المكان أدنى وأخفض مرتبة من الآخر ، فيقال زيد دون عمرو فى الشرف ، وربما للمكان المعنوى من غير مراعاة الشرف فى غيره ، كما فى المتن على ما قررنا ، ونقلها للمكان المعنوى ، إما على سبيل الاستعارة بتشبيه المعنوى بالحسى بجامع مطلق المنسوبية لمتقرر فى الجملة أو على سبيل