الكون عن نوع زيد بأن يكون التقدير : ما فى الدار إنسان أو أحد إلا زيدا ؛ ليقع الاستثناء متصلا قريب الجنس ، لزم صحة هذا فى قصر الموصوف على الصفة الذى جعل متعذرا أو محالا إذ يصح قولك (ما هذا الثوب إلا أبيض) بتقدير أنه لا يتصف بشيء من الألوان غير البياض فالأولى التمثيل بنحو ما تقدم ، وهو قولنا (ما خاتم الأنبياء إلا محمد صلىاللهعليهوسلم) ، (وقد يقصد به) أى : بالثانى ، وهو قصر الصفة على الموصوف (المبالغة) فى كمال الصفة فى ذلك الموصوف فتنفى عن غيره على العموم وتثبت له فقط دون ذلك الغير ، ولو كانت فى نفس الأمر للغير ـ أيضا ـ وإنما يفعل ذلك (لعدم الاعتداد) فى تلك الصفة (بغير المذكور) أى : بغير ذلك المذكور لتلك الصفة ، وهذا كما إذا وجد علماء فى البلد وأريد المبالغة فى كمال الصفة العلم فى زيد ، فينزل غير زيد بمنزلة من انتفت عنه صفة العلم ؛ لعدم كمالها فيه ، فيقال (لا عالم فى البلد إلا زيد) حصرا للعلم فيه ونفيا له عن غيره لعدم الاعتداد بالعلم فى ذلك الغير ويسمى هذا قصرا حقيقيا بالادعاء ، وذلك ؛ لأن نفى العلم عن غير زيد الذى تضمنه هذا الحصر ليس كذلك فى نفس الأمر ، وإنما نسب ذلك النفى إلى الغير لكونه بمنزلة المتصف بالنفى لضعف الإثبات فيه ، ونسبة الشيء لغير من هو له مجاز تركيبي ، والفرق بين القصر الحقيقى بالادعاء والإضافى ، أن المثال الصادق مثلا وهو (ما فى الدار إلا زيد) إذا أردت به الحقيقى الادعائى ، فإنك تنزل غير زيد كالعدم بالنسبة إلى الكون فى الدار ، بمعنى أن زيدا لكماله يصير من حضر عنده فى حكم العدم ، فليس الكون فى الدار إلا له وبه يعلم أن سبب التنزيل إما الكمال فى تلك الصفة فينزل غيره كالعدم بالنسبة إليها ، كلا عالم إلا زيد ، أو فى صفة أخرى ، كما فى الدار إلا زيد ، وإذا أريد به الإضافى فلا ينزل غيره كالعدم ، بل تثبت لزيد تلك الصفة وتنفى عن معين آخر غيره ، ولا ينافى ذلك ثبوتها لغير ذلك المعين ، كما إذا اعتقد المخاطب أن فى الدار زيدا وعمرا ، فتقول (ما فى الدار إلا زيد) أى : دون عمرو ولو كان فيها غير عمرو ـ أيضا ـ كخالد فقد افترقا فى أنك نفيت فى الادعائى غير زيد مطلقا بتنزيل كل غير كالعدم ، وفى الإضافى إنما نفيت معينا ـ هو عمرو ـ فلا تنزله كالعدم دون خالد