دالة على الذات باعتبار المعنى وانفراد الصفة فى العلم فى العالم من قولك (العالم يكرم) إذ ليس بنعت ، كما لا يخفى.
وانفراد النعت فى لفظ الرجل من قولك (جاءنى هذا الرجل) ويراد ـ أيضا ـ فيه ما تقدم قبل ، والتفسير الأول أقرب أى ؛ لأنه أكثر استعمالا ، ولأن المنظور إليه فى الحصر هو المعنى فتأمله.
(والأول) أى : قصر الموصوف على الصفة الذى هو (من الحقيقى) هو (نحو) قول القائل (ما زيد إلا كاتب) ولكن إنما يكون هذا المثال من الحقيقى (إذا أريد أنه) أى : زيدا (لا يتصف بغيرها) أى : بغير الكتابة من الصفات أيضا (وهو) أى : قصر الموصوف على الصفة الحقيقى (لا يكاد) معناه (يوجد) حقيقة بأن لا يوجد للشيء إلا صفة واحدة ، نعم يوجد ادعاء بتنزيل غير الصفة المثبتة كالعدم ، ولذلك لا تصدر حقيقته ممن يتحرز عن نقيصة الكذب ، ولفظ لا يكاد يعبر به تارة عن قلة وجود الشيء ، فيقال (لا يكاد يوجد كذا) بمعنى أنه لا يوجد إلا نادرا تنزيلا للنادر بمنزلة الذى لا يقارب الوجود ، وتارة عن نفى الوقوع والبعد عنه أى : لا يقرب ذلك الشيء إلى الوجود أصلا ، وهذا الثانى هو المناسب ؛ لقوله (لتعذر) أى : لعدم إمكان (الإحاطة) عادة (بصفات الشيء) فإذا تعذر فى العادة إحاطة المخلوق بصفات الشيء لم يتأت للمحترز عن نقيصة الكذب أن يأتى به قاصدا لمعناه الحقيقى.
وإن فسر التعذر بالتعسر غالبا ناسب الأول ، وعلى كل فليس هنا استحالة عقلية ، وإنما تعذرت الإحاطة بالأوصاف لما علم أن العاقل لا يحيط بأوصاف نفسه لا سيما الباطنية والاعتبارية فكيف بأوصاف غيره!
وقيل إن وجود معناه محال ؛ لأنا إذا أثبتنا بطريق من طرق الحصر صفة ونفينا ما سواها من الأوصاف ، فتلك الأوصاف المنفية لها نقيض ثبوتها ، ولا بد من تحقق ذلك النفى الذى هو النقيض بأن يتقرر مع الصفة المثبتة إذ لو رفع ذلك النفى مع رفع نقيضه ـ وهو نفس الأوصاف المنفية ـ لزم ارتفاع النقيضين وهو محال ، فإن قلنا مثلا (ما زيد إلا كاتب) فمعناه على أن القصر حقيقى أن زيدا لم يتصف بوصف آخر غير