ثم الصفة المعنوية حيث يراد بها المعنى القائم بالذات ـ كما تقدم لا تصادق النعت أصلا ؛ لأن مدلول النعت لفظ واللفظ والمعنى متباينان إلا أن يراد بالتصادق تحقق أحدهما مع الآخر فى الجملة فيصح ؛ لأن مدلول لفظ النعت عند تحققه يتحقق مدلوله ، ومدلوله قد يكون صفة معنوية.
وأما حيث يراد بمدلول الصفة المعنوية اللفظ الدال على ذلك المعنى ، فيكون بينها وبين لفظ النعت باعتبار المصدوق عموم من وجه ؛ لتصادقهما فى لفظ العلم من قولك (أعجبنى هذا العلم) فالعلم نعت لاسم الإشارة على قول ، وصفة معنوية أى : دالة على معنى هو العلم ، وانفراد الصفة المعنوية فى لفظ العلم من قولك (العلم حسن) لدلالته على المعنى ، وليس بنعت كما لا يخفى.
وانفراد النعت فى لفظ الرجل فى قولك (أعجبنى هذا الرجل) لأنه نعت اسم الإشارة ولم يدل على المعنى القائم بالغير فى أصله ، فليس صفة معنى ، فإن قيل : هو فى هذا التركيب دل على المعنى وهو كون المشار إليه موصوفا بالرجولية ، ولذلك صح كونه نعتا ، فيكون صفة معنوية قلنا هو فى أصله لم يوضع إلا للذات بخلاف العلم ، ولو عرض له فى الحين ما ذكر فليس صفة معنوية باعتبار الأصل.
ويرد على هذا الجواب أنه إن كان المعتبر فى كون الشيء صفة معنوية ما كان فى الدلالة الأصلية فلا يكون قولنا (ما زيد إلا أخوك ، وما الباب إلا الساج ، وما هذا إلا زيد) من قصر الموصوف على الصفة المعنوية وقد صرحوا بأنه منه ، حيث قالوا : المعنى حصر زيد فى الاتصاف بكونه مسمى بزيد.
فأما أن يجعل الكل من الصفة المعنوية باعتبار الحال أولا يجعل الكل باعتبار الأصل. فالرجل حيث أعرب نعتا يتقرر فيه هذا المعنى بعينه ، فإن جعل منها كانت الصفة المعنوية أعم مطلقا من النعت ، وهو أقرب هذا إذا فسرنا الصفة المعنوية بما دل على معنى يقوم بالغير أو بمعنى يقوم بالغير.
وإن فسرناها بما دل على ذات معنى قائم بها كالعلم فبينها ـ أيضا ـ وبين النعت ما ذكر لتصادقهما فى لفظ عالم من قولك (جاءنى رجل عالم) فهو نعت وصفة