المنصوب وجب بعده ، والتقدير البعدى يفيد الاختصاص وعلى هذا يكون معنى قولنا أما زيدا فضربته بمعنى : أن زيدا اختص بكونه مضروبا أى : لا عمرا مثلا على القلب أو لا معه فى قصر الإفراد ورد هذا بما تقرر من أن شرط إفادة التقديم التخصيص أن لا يكون لإصلاح التركيب كما فى جملة أما ، وإلا فلا يكون للاختصاص ؛ لأنه يكون غالبا خطابا عند الجهل بأصل الفعل ؛ لإفادة مجرد تعلقه لا خطابا مع من عرف أصل الفعل ونسبه لغير من هو له إفراد أو مشاركة حتى يكون للتخصيص. فإنه يقال مثلا عند مجيء زيد وعمرو إليك : ما فعلت بهما سؤالا عن أصل الفعل المتعلق بهما ، ما هو فتقول : أما زيدا فأكرمته ، وأما عمرا فأهنته ، وكذا الآية الكريمة لظهور أن ليس الغرض منها بيان أن ثمود هدوا فاستحبوا العمى على الهدى دون غيرهم ؛ ردا على من زعم انفراد غيرهم بذلك ، أو مشاركته لهم فإن من المعلوم أن الكافرين كلهم كذلك ، وإنما الغرض إثبات أصل الهداية أى : الدعوة إلى الحق المتعلقة بهم ، ثم الإخبار بسوء صنيعهم لبيان أن إهلاكهم بعد إقامة الحجة عليهم.
(وكذلك) أى : مثل زيدا عرفت فى إفادة التخصيص قولك (بزيد مررت) مما ليس مفعولا أصليا بل مفعولا بواسطة الحرف ، فإنه يفيد التخصيص ردا على من زعم أنك مررت بإنسان وأنه غير زيد أو معه ، فمعناه بزيد مررت لا بغيره ، وكذلك نحو : يوم الجمعة سرت أى : لا فى يوم آخر ، وفى المسجد صليت أى : لا فى غيره ، وتأديبا ضربت أى : لا عداوة أو ظلما ، وماشيا حججت أى : لا راكبا. وعلى هذا القياس.
وأشار بقوله (والتخصيص لازم للتقديم غالبا) إلى أن التخصيص لا ينفك فى غالب الأحوال عن تقديم ما حقه التأخير ، ولو لم يكن من متعلقات الفعل كما تقدم فى أحوال المسندين ، وإفادة التقديم للحصر بشهادة الذوق المستفاد من تتبع التراكيب ، وإنما قال : غالبا ، إشارة إلى عدم لزومه دائما لصحة أن يكون التقديم لمجرد الاهتمام كما تقول : العلم لزمت ؛ لأن الأهم تعلق اللزوم بالعلم أو للتبرك كما تقول : النبى محمدا ـ (صلىاللهعليهوسلم) تبعنا أو للاستلذاذ كليلى أحببت ، أو لموافقة كلام السامع. كما إذا قال : من أكرمت؟ فتقول : زيدا أكرمت ، موافقة لتقديمه من التى هى المفعول لكونها