استفهاما ، وهذه الوجوه فى الحقيقة يشملها الاهتمام ؛ لأنها أسباب له ، أو لضرورة الشعر وهو كثير كقوله
وليس إلى داعى الندا بسريع (١)
والسجع والفاصلة ونحو ذلك كتعجيل المسرة كما يقال : سعدا تلقى قال تعالى (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ)(٢) فقدم الجحيم ، والسلسلة للفاصلة إذ ليس المراد الرد على من يعتقد أنه يصلى غير الجحيم ، أو يتوهم أنه يؤمر بسلسلة أخرى يسلكها حتى يكون التقديم فيهما للتخصيص.
وقال تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ)(٣) فقدم ما حقه التأخير ، وهو عليكم على حافظين ، وليس من متعلقات الفعل للفاصلة ؛ لأن المراد الإخبار بأن على الآدمين ملائكة يكتبون لا الرد على من يعتقد أنهم على غيرهم.
وقال تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(٤) فالمراد النهى عن قهر اليتيم ، وانتهار السائل ، وقد تقدم أن مثل هذا التركيب لا يفيد الحصر.
وقال تعالى (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(٥) فإن المراد الإخبار بظلمهم أنفسهم لا الرد على من زعم ظلمهم غير أنفسهم إلى غير هذا مما يعلم أن التقديم فيه ليس للحصر.
وكل ما ذكر من إلا فالتقديم فيه لرعاية الفواصل ولا يخلو من الاهتمام ، ولا تناسب إرادة الحصر عند من له ذوق ومعرفة بأساليب الكلام كما أشرنا إلى ذلك.
ولو كانت رعاية الفواصل لا تنافى الحصر عند صحته فى المقام ، ولما ذكر أن التخصيص لازم للتقديم غالبا وذلك يقدر بالذوق الحاصل بتتبع الاستعمال أشار إلى ما
__________________
(١) عجز بيت للأقيشر في الإشارات ص ٢٣٤ ، والمصباح ص ١٦٥ وصدره : سريع إلى ابن العم يلطم وجهه.
(٢) الحاقة : ٣٠ ـ ٣٢.
(٣) الانفطار : ١٠.
(٤) الضحى : ٩ ـ ١٠.
(٥) آل عمران : ١١٧.