للتأكيد المناسب للإنكار إلى ما يفيد التأكيد مع الحذف المناسب للاختصار ، تأمل. والله أعلم.
(وإلا) أى : وإن لم يقدر المفسر قبل المنصوب ، بل قدر بعده فكان الأصل : زيدا عرفت عرفته (ف) مفاد التركيب حينئذ (تخصيص) وذلك لأن المقدر كالمذكور ، فكما أن تقديم المفعول على الفعل المذكور يفيد الاختصاص ، فكذلك تقديمه على المقدر كما فى قولنا : «باسم الله» فإنه يفيد التخصيص بتقدير الفعل مؤخرا أى : باسم الله أبتدئ لا بغيره ، فإذا قيل : زيدا عرفته احتمل أن يكون إخبارا بمجرد وجود معرفة متعلقة بزيد ، إذا قدر المفسر قبليا ، وأن يكون إخبارا بمعرفة مختصة بزيد ردا على من زعم تعلقها بعمرو دون زيد ، أو بهما معا إذا قدر بعديا. فنحو هذا التركيب يحتمل التخصيص وعدمه بالتقديرين ، والقرينة هى المعول عليها فى إفادة أحدهما ، وإذا دلت على التخصيص كان التخصيص فى هذا التركيب أوكد منه فى نحو : زيدا عرفت مما لم يشغل فيه الفعل بالضمير ، وذلك لأن الفعل المشغول إن أفاد التخصيص أيضا تبعا لمفسره ولو تأخر هو معموله فتأكيد التخصيص فيه واضح ، وإن أفاد مجرد تعلق الفعل بالمفعول ، فقد أفاد ثانيا جزءا مما أفاده التخصيص الحاصل بالفعل المقدر ؛ لأن التخصيص يفيد تعلق الفعل بالمفعول ، وكون ذلك التعلق خاصا بالمفعول ، وتأكيد الجزء من تأكيد الكل فكأنه هو ، والأقرب الأول ويوجد فى بعض النسخ (وأما نحو) قوله تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ)(١) فيمن قرأ ثمود بالنصب ونحو هذا التركيب هو ما تقدم فيه المشغول عنه مواليا لأما التى هى بمعنى مهما يكن من شيء.
(فلا يفيد إلا التخصيص) أى : وأما نحو ذلك التركيب فلا يفيد إلا التخصيص ؛ وذلك لأن سبب عدم التخصيص تقدير المحذوف قبل المنصوب. وسبب التخصيص تقديره بعده ، ولا يمكن هنا تقديره ؛ لأن المفسر بكسر السين لكونه بعد أما يجب أن يتصل بالفاء والمفسر بفتحها كذلك ، وموالاة مدخول الفاء لأما ممتنع صراحة إذ لا يقال : أما فهدينا ثمود. والمقدر كالمذكور فيمتنع أيضا ، وإذا امتنع التقدير قبل
__________________
(١) فصلت : ١٧.