نفى الغير وثبوته (و) لأجل أن التقديم يفيد الاختصاص (لا) يقال أيضا عند إرادته (ما زيدا ضربت ولكن أكرمته) ؛ لأنه إذا أريد بالتقديم الاختصاص كان هذا التركيب كلاما مع من اعتقد ثبوت الضرب وأصاب لكن اعتقد أنه لزيد وأخطأ فيقال ردا عليه اعتقادك ضرب زيد باطل ، وإنما ضربت عمرا فيقال على هذا لإفادة ذلك ما زيدا ضربت ولكن عمرا ، وليس كلاما مع من اعتقد ثبوت أصل الضرب لزيد وأخطأ فيه ؛ لأن الثابت هو الإكرام فلا يقال بعد قوله ما زيدا ضربت ولكن أكرمته ، بل يقال : ولكن عمرا كما تقدم ، ثم أشار إلى التقديم فى الاشتغال فقال (وأما نحو) قولك : (زيدا عرفته ف) مفاده باعتبار الفعل العامل فى ضمير الاسم المتقدم (تأكيد) للفعل المحذوف (إن قدر) ذلك الفعل المحذوف (المفسر) بذلك الفعل المذكور العامل فى ضمير زيد (قبل المنصوب) متعلق بقدر أى : إن قدر ذلك المفسر بفتح السين قبل الاسم المنصوب فكان الأصل هكذا : عرفت زيدا عرفته ، كان مفاد عرفت الثانى توكيدا لذلك المقدر ، وإفادته التوكيد تبعا لإفادته تفسير المحذوف ؛ لأنهما حينئذ بمعنى واحد فالتوكيد لازم للتفسير الذى هو المراد بهذا الفعل فإن قلت : كيف يستلزم التفسير التأكيد مع أن المفسر لم يفهم له معنى تقرر بعد حتى يكون تأكيدا؟ قلت : أما عند ذكر المفسر بفتح السين كما فى غير هذا المحل ؛ فلأن ذلك المجهول يشعر بالمعنى إجمالا ؛ لأنه من الموضوعات فذكر تفسيره يقرر ذلك المجمل بتعيينه وتحقيقه ، وأما فى هذا المحل ؛ فلأن ذكر المنصوب يشعر بأن له عاملا بذكر ما ليس عاملا ، لشغله بضمير مقدر لما أشعر به المعمول ، ولك أن تقول بعد ذكر المشغول يعلم أن ثم مقدرا بمعناه ، والمقدر كالمذكور فصار مذكورا مرتين وتسميته تفسيرا من جهة دلالته على المحذوف ، فالتأكيد لازم له بتحقق ذكر مضمونه مرتين ، ولو كان أحد المذكورين تقديريا ، فليس حينئذ تفسيرا حقيقة ، بل معنى تفسيره دلالته على المقدر ، وعلى كل حال لا يرد أن يقال المقصود تفسيره الحاصل بدلالته فكيف يفيد تأكيدا ، فإن قلت : فأى فائدة لهذا التأكيد وكيف يكون من الاعتبار المناسب؟ قلت : قد يكون المقام مقام إنكار تعلق الفعل بالمفعول مع ضيق ذلك المقام مثلا ، بحيث يطلب فيه الاختصار فيعدل عن ذكر الفعل مرتين صراحة المفيد