كما يأتى ، ولو ردد المخاطب معرفتك بين زيد وعمرو على وجه الشك ، وقلت زيدا عرفت أى : لا عمرا كان قصر تعيين ، وكان الأحسن أن يقول المصنف بدل قوله لرد الخطأ إلخ ، لإفادة الاختصاص ليشمل هذه الأنواع الثلاثة من قصر القلب ، والإفراد ، والتعيين ، وليدخل فيه الإنشاء على وجه الوضوح نحو : زيدا أكرم وزيدا لا تهن ، فإن تخصيص الأمر والنهى بزيد ظاهر ورد الخطأ فى الإنشاء فيه تكلف ؛ لأنه لا اعتقاد فيه إلا أن يتأول على أن المعنى زيد مأمور أو منهى أو نحو ذلك ، ويتأول أن المخاطب اعتقد خلاف ذلك وورد على هذا أن التخصيص هو أيضا يستدعى الثبوت لشيء ، والنفى عن الغير ، فهو مخصوص بالخبر كذا قيل.
والحق أن التخصيص بالنسبة إلى شيء دون غيره فإن كانت النسبة إنشائية فما وقع به التخصيص إنشاء ، وإن كانت خبرية فما وقع به خبر ، وهذه الأحسنية لا يدفعها كون المصنف اتكل على مقايسة ما ذكر كما لا يخفى ، ومثال التخصيص فى غير المفعول أن يقال : بزيد مررت أى : لا بغيره فى قصر القلب أو وحده فى قصر الإفراد ، وراكبا جئت أى : لا فى حال غير ذلك ولا مع حال غير ذلك وعلى هذا القياس (ولذلك) أى : ولأن التقديم قد يكون لرد الخطأ فى تعيين المفعول مع أن المخاطب أصاب فى اعتقاده وقوع الفعل على مفعول ما (لا يقال) عند إرادة ذلك الرد (ما زيدا ضربت ولا غيره) ؛ لأن مفاد ما زيدا ضربت حينئذ اختصاص نفى الضرب بزيد ؛ بحيث لا يتعدى ذلك النفى إلى غيره كما يعتقده المخاطب ، وذلك يفيد أن الغير مضروب ، فإذا قيل ولا غيره كان مناقضا لذلك الذى أفاده ذلك التقديم ؛ لأن مفهوم التقديم كما قرر الثبوت للغير ؛ تحقيقا لمعنى الاختصاص وصريح مفاد لا غيره النفى عنه فتناقض مفهوم التقديم وصريح لا غيره ، وكذلك لا يقال زيدا ضربت وغيره ؛ لأن التقديم يفيد نفى مشاركة الغير والعطف يفيد ثبوت المشاركة ، وهو تناقض ، ولكن هذا حيث يراد الاختصاص بالتقديم كما ذكرناه ، وأما لو كان التقديم لغير الاختصاص كمجرد الاهتمام جاز أن يقال ما زيدا ضربت ولا غيره ، وأن يقال زيدا ضربت وغيره إذ ليس فى التقديم ما ينافى نفى الغير أو عطفه ؛ لأن المعنى المفاد بالتقديم وهو الاهتمام يصح معه