(و) القسم (الأول) وهو الفعل المجعول مطلقا كناية عن نفسه متعلقا بمفعول مخصوص بعد تنزيله منزلة اللازم هو (كقول البحترى) من شعراء الدولة العباسية (فى) مدح (المعتز بالله) تعريضا بالمستعين بالله.
(شجو) (١) أى حزن (حساده) يعنى المستعين ومن ضاهاه (وغيظ عداه أن يرى مبصر ويسمع واعى) فأسند الرؤية إلى لفظ المبصر والسمع إلى لفظ الواعى أى الحافظ لما يسمع إيذانا بلزوم كل منهما لجريان العرف بأن قول القائل : رؤية المبصر وسماع السامع إنما يستعملان عند قصد اللزوم وعدم تعلق الغرض بالمفعول ولذلك فسرهما المصنف بما يقتضى اللزوم فقال (أى) شجو حساده وغيظ عداه هو (أن يكون) أى : أن يوجد فى الدنيا (ذو رؤية وذو سمع) أى : أن توجد رؤية راء ويوجد سمع سامع ، وأطلق على الرؤية والسمع الشجو والغيظ مبالغة ، والمراد أنهما موجبان للشجو والغيظ ثم بين وجه إيجاب الرؤية للشجو والسمع الغيظ وأن ذلك مما يلزم وجودهما من كونهما إذا وجدا تعلقا بمحاسن الممدوح بادعاء الملازمة بين مطلق وجودهما وتعلقهما بتلك المحاسن ، فعبر بهما لازمين لينتقل من ذلك إلى لازمهما ، وهو كونهما متعلقين بمتعلق مخصوص فيكونان كنايتين عن أنفسهما باعتبارى اللزوم والتعدى. وقد تقدم أن ذلك صحيح ، وأنه ليس فيه استلزام الشيء لنفسه ، فقال : لأنهما إذا وجدا فى الدنيا تعلقا بمحاسنه (فيدرك) المبصر بالبصر (محاسنه و) يدرك السامع بالسمع (أخباره) ومآثره (الظاهرة الدالة) عند كل أحد (على استحقاقه الإمامة دون غيره) من المنازعين (فلا يجدوا) هو معطوف على فيدرك ؛ لأنه منصوب بعطفه على أن يوجد وإنما عطف عليه ؛ لأن إدراك المحاسن يترتب عليه أن أعداءه وحساده الذين يتمنون الإمامة لا يجدون (إلى منازعته) تلك الإمامة (سبيلا) لأن نزاعهم إياه فيها فرع وجود مساعد ولا مساعد لإطباق الرائين والسامعين على أنه الأحق بها. فقد تبين بهذا أن البحترى نزل يرى ويسمع منزلة اللازم بمعنى أن الرائى والسامع تصدر عنهما الرؤية والسماع من غير
__________________
(١) البيت فى الإيضاح ١١٠ بتحقيق د / عبد الحميد هنداوي وأورده محمد بن على الجرجاني في الإشارات ص ٨١ ، والمعتز بالله بن المتوكل على الله ، والمستعين بالله بن المعتصم بالله ، من بني العباس.