وضع اسم الإشارة موضع المضمر تخالف الخبر فى الجملتين إذ ليس من شرط الوضع المذكور صحة بقاء خبر المضمر كما هو ، وقد علم بما قررناه أن كون المشار إليه غير حاضر حسا لا يمنع من كون المقام مقام الإضمار ، وقد يمثل له ـ أيضا ـ بأن يقول لك الأعمى ـ على وجه التقرير أتشهد أن زيدا ضربنى فتقول على وجه التهكم نعم ذلك الذى تراه فى ذلك الجانب ضاربك مكان قولك نعم هو ضاربك ، وقد اتحد الخبر فى الجملتين فى هذا المثال فليفهم.
(أو النداء) أى : ويوضع اسم الإشارة مكان المضمر للنداء أى للبيان (والتنبيه على كمال بلادته) أى : السامع ؛ لأن فى اسم الإشارة الذى أصله أن يكون المحسوس إيماء إلى أن السامع لا يدرك إلا المحسوس ، فإذا قال مثلا من عالم البلد؟ فيقال له ذلك زيد مكان هو زيد للإشارة إلى كمال البلادة (أو) النداء أى : التنبيه (على كمال فطانته) أى : السامع فيستعمل اسم الإشارة الذى أصله المحسوس فى المعنى الغامض إيماء إلى أن السامع لذكائه صارت المعقولات لديه كالمحسوسات ، ولهذا تجد المدرس بعد تقريره مسئلة غامضة يقول : وهذا عند فلان ظاهر ؛ مدحا لفلان ، وتعريضا بغيره مكان ، وهو ظاهر (أو ادعاء كمال ظهوره) أى : يوضع اسم الإشارة مكان المضمر فى باب المسند إليه لادعاء كمال الظهور عند السامع ، أو المتكلم ، ولو لم يكن ظاهرا فى نفسه ، ومنه قول القائل عند الجدال وتقرير مسئلة أنكرها الخصم وهذه ظاهرة أو مسلمة مكان وهى ظاهرة أو مسلمة ادعاء لكمال الظهور (وعليه) أى : وعلى استعمال اسم الإشارة مكان الضمير لادعاء كمال الظهور (من غير هذا الباب) وهو باب المسند إليه قوله (تعاللت) (١) أى : أظهرت العلة ، والمرض ؛ لأن التفاعل يستعمل فى إظهار ما لم يكن كتعارج إذا أظهر العرج ، ولم يكن (كى أشجى) أى : لأحزن بسبب علتك لما طبعت عليه من التوجع ؛ لتوهم وجعك ، وهو من شجى بكسر الجيم أى : حزن لا من شجاه أى : أحزنه ، أو شجا بالعظم نشب فى حلقه بفتح الجيم فيهما إذ لا يناسب أحدهما هنا (وما بك علة) فى نفس الأمر (تريدين) بإظهار العلة (قتلى قد ظفرت بذلك)
__________________
(١) البيت لابن الدمينة فى ديوانه ص (١٦) ، المصباح ص (٢٩) ، المفتاح ص (١٩٧) ، ونهاية الإيجاز ص (١١٠) ، والتبيان للطيى (١ / ١٥٨) ، والإيضاح ص (٧٨) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى.