فقال ، وإنما يوضع ضمير الغيبة مكان المظهر (ليتمكن ما يعقبه) أى : ليتمكن ما يجيء على عقب الضمير (فى ذهن السامع) وإنما اقتضى الإضمار قبل الذكر التمكن (لأنه) أى : لأن السامع (إذا لم يفهم منه) أى : من الضمير (معنى) لكونه ضمير غيبة لم يتقدم له معاد (انتظره) أى : انتظر السامع ما يعقب الضمير ، وهو ما يعين المراد منه فإذا جاء بعد الانتظار ، والتشوق كان أوقع فى النفس ، وذلك ؛ لأن حصول العلم بعد التشويق فيه لذة العلم ودفع ألم الشوق ، واللذة المشتملة على دفع الألم أحلى من مجرد اللذة الحاصلة بدونه ، وهذا ظاهر فى ضمير الشأن مثلا ، وأما باب نعم فلم يتجه فيه ما ذكر لأن السامع ما لم يسمع المفسر لا يعتقد أن ثم ضميرا ينتظر له مفسرا واقتضاء الفعل عند سماعه لفاعل ينتظر لو أوجب انتظارا يوجب التمكن لم يختص بباب نعم ولا بالضمير ، وما يقال من أن القرينة قد تدل على أن ثم ضميرا ينتظر له معاد غير مستقيم ؛ لأن القرينة إن دلت على معاده وبذلك علم أن ثم ضميرا فهو مقتضى الظاهر ، وإلا لم تتحقق دلالتها ، وإنما اختص الإضمار بالتشوق لشدة إبهامه بخلاف نحو الشأن كذا ، فقد فهم منه مدلوله ، ولو جمليا فلم يشتد فيه الإبهام كما فى الضمير ، فلم يتحقق التشوق ثم إن ما عللوا به التمكن من الانتظار والتشوق إنما يتحقق عند وقوع مهلة بين ذكر الضمير ، ومفسره مثلا ولا قائل بأن مفسر الإضمار قبل الذكر يتوقف على السكوت بعد ذكر الضمير ، وبه علم أن هذه ملح ، وطرف تجب مراعاتها ، ولو لم تحصل بالفعل وربما يؤخذ من ذلك أن ما يراعيه البليغ يكفى فيه تخيل وجوده ، وعلى كل حال ، فلا بد من كون المفسر مما له خطر إذا تمكن فى النفس أفاد فلا يجرى هذا الاعتبار فى نحو نعم ذبابا الطائر ولا فى نحو هو الذباب يطير فإن قيل هذا التمكن كيف كان غرضا مطابقا لمقتضى الحال؟ وهل هو من الأغراض الراجعة إلى المتكلم ، أو السامع ، أو إليهما؟ قلت : قد يكون فى حفظ مفسر الضمير ، أو تعظيمه صلاح للمتكلم ، أو للمخاطب ، أو لكليهما ، فيكون المقام مقام التمكن فافهم.