باب سلب قيد العموم الذى هو أصل مدلول كل بعد النفى فغير سديد ؛ لأن حاصل الأول إبداء الدليل على عدم صحة إرادة البعض ، ولا يمنع ذلك إرادة خلاف الأصل بذلك التركيب المحكوم عليه بأنه أبدا يفيد البعض ، وحاصل الثانى إبداء علة إرادة العموم بالتركيب ، ولا يقتضى ذلك أن التركيب الأول الذى نحن بصدد بيان ما يراد منه لا يصح أبدا إلا للبعض تأمل.
(وإلا) تكن كل فى حيز النفى بأن قدمت على النفى ، ولم تكن معمولة للفعل المنفى (عم) النفى كل فرد من أفراد ما أضيفت له كل فتكون القضية التى فيها سالبة كلية (كقول النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما) أى : حين (قال) له (ذو اليدين) وهو رجل من الصحابة سمى بذلك لطول يديه (أقصرت) (١) بضم الصاد (الصلاة) فاعل قصرت (أم نسيت) يا رسول الله كل ذلك لم يكن فقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كل ذلك لم يكن لما كانت كل فيه خارجة عن حيز النفى أفاد نفى النسيان ، والقصر معا ، فهو فى قوة أن يقال لا شيء من ذلك واقع كما ورد فى بعض الطرق لم أنس ، ولم تقصر ويدل على أن المراد عموم السلب زيادة على هذا الوجه الوارد أن السائل إنما يسأل عن التعيين بعد اعتقاده ثبوت أحد الأمرين المردد بينهما فى السؤال ، فالجواب المطابق لسؤاله تعيين أحد الأمرين ، ولم يوجد فى الحديث ، أو نفى كل من الأمرين تخطئة للمستفهم وهو الموجود فى الحديث ، وأما حمله على أن المجموع لم يقع ؛ بل وقع أحدهما من غير تعيين فيقتضى كون الجواب لم يفد السائل إذ لم يدل على زائد على ما عنده ، وكذا يدل على أن المراد العموم قول ذى اليدين بل بعض ذلك وقع لأنه فهم عموم النفى لكلا الأمرين ، فلذلك قال بعض ذلك وقع وهذا عربى يفهم مدلول الخطاب ، كما هو ، فتحقق بما ذكر أن الحديث لعموم السلب وهذا الحديث الشريف ورد فيه إشكال ، وهو أنه قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أحق ما يقول ذو اليدين فلما تحقق أنه وقع بعض ذلك ـ وهو خلاف القصر ـ كمل صلاته فسجد بعد السّلام ، فلزم بحسب الظاهر أن قوله صلىاللهعليهوسلم كل ذلك لم يقع حيث دل على عموم
__________________
(١) رواه البخارى ومسلم.