(ومما) أى : ومن المسند إليه الذى (يرى تقديمه) على المسند من غير قصد إرادة التخصيص حال كون ذلك التقديم (كاللازم لفظ مثل و) لفظ (غير) إذا استعمل اللفظان على سبيل الكناية فى إثبات الحكم ، وذلك فى (نحو) قولك (مثلك لا يبخل وغيرك لا يجود) حيث يقصد أن مثلك الكائن على أخص وصفك لا يتصف بالبخل من غير إرادة مثل معين ، فيلزم اتصافك بنفى البخل ؛ لأن لازم المثل لازم لمماثله ، فيكون مثلك لا يبخل كناية عن إثبات حكم نفى البخل عن المخاطب (بمعنى أنت لا تبخل) ويقصد أن من اتصف بمغايرتك على وجه العموم من غير تعيين لغير معين لا يتصف بالجود ، وإذا انتفى الجود عن المتصف بمغايرتك ، والجود لا بد من محل لوجوده لزم اتصافك أيها المخاطب به ، فيكون غيرك لا يجود كناية عن إثبات حكم الجود للمخاطب ، ويكون بمعنى (أنت تجود) وكون التركبيين للكناية التى هى على ما سيجيء أن يعبر بالملزوم ويراد به اللازم مع صحة إرادة ذلك اللازم ، وقد تبين معناها فيهما على ما قررنا إنما ذلك إذا أريد بلفظ المثل والغير مطلق المماثل والمغاير فى الجملة أى : من اتصف بأحدهما مطلقا (من غير إرادة تعريض ب) إنسان معين (غير المخاطب) وأما إذا أريد التعريض أى : الإشارة بالإجمال اللفظى إلى مثل معين كقولك لمن قال لك من أعطاك هذا الفرس؟ مثلك أعطانيه مريدا جوادا مثلك أو إلى غير معين كقوله :
غيرى جنى وأنا المعاقب فيكم.
فإن مراده غيرا معينا لم يكن تقديم لفظ المثل والغير حينئذ لازما إذ ليس الكلام على طريق الكناية ؛ بل على طريق الحقيقة ، وبهذا يعلم أن ليس المراد بالتعريض هنا التعريض الآتى الذى هو من أنواع الكناية أو المجاز أو الحقيقة ، بل المراد التعبير عن الشيء بطريق الإجمال الموجود فى أصل لفظ مثل وغير ، ولهذا فسرنا التعريض بقولنا الإشارة بالإجمال إلخ ، فلا يرد أن يقال التعريض من الكناية ، وأول الكلام يدل على أن الاعتبار الثانى ليس فيه كناية وآخره يحقق التعريض الذى هو من الكناية ، ولما فهمه بعضهم كذلك احتاج إلى تكلف الجواب بما يتبرأ منه كلام المصنف ، وإنما كان التقديم كاللازم إذا سيق الكلام على وجه الكناية (لكونه) أى : ذلك التقديم (أعون) أى : أشد إعانة (على المراد بهما) أى : بالتركيبين الموجود فيهما لفظ مثل ، ولفظ غير ،